التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والسماء ذات البروج 1 واليوم الموعود 2 وشاهد ومشهود 3 قتل أصحاب الأخدود 4 النار ذات الوقود 5 إذ هم عليها قعود 6 وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود 7}

صفحة 7350 - الجزء 10

  فيهما على معنى: أحرقتهم النار ذات الوقود، ولا يجوز القراءة بها؛ إنما القراءة بالمشهور المستفيض.

  · اللغة: البروج: الأبنية العالية، وأصله: الظهور؛ لأنه يظهر على سائر الأبنية، ومنه قيل للقصور: بروج، ومنه: بروج السماء، ومنه: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ}⁣[الأحزاب: ٣٣].

  والأخدود: الشق العظيم طولاً في الأرض شبه النهر، وجمعه: أخاديد، وهو أُفْعُولٌ من الخد، يقال: أَخْدَدْتُ الأرض خدًّا؟ أني: شققت، ومنه الحديث في تَخُدُّخَدًّا الشجرة التي دعاها رسول الله، ÷: «جعلت تَخُدُّ خدًّا حتى أتته»، ومنه: الخد لمجاري الدموع، والمخدة؛ لأن الخد يوضع عليها.

  والوَقُودُ بالفتح: الحطب، وبالضم: الإيقاد، أَوْقَدَ إيقادًا.

  والشهود: الحضور على مشاهدة أمر من الأمور، وكل حاضر شاهد، والمشاهد المدرك بحاسة.

  · الإعراب: السَّمَاءِ: جر؛ لأنها قسم، قيل: القسم بالسماء، وبرب السماء، عن أبي علي.

  وجواب القسم قيل: محذوف، وتقديره: الأمر حق في الجزاء على الأعمال، ثم ابتدأ فقال: «قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ». وقيل: جوابه: «قُتِلَ» وفيه إضمار أي: لقد قتل. وقيل: فيه تقديم وتأخير، تقديره: قتل أصحاب الأخدود، والسماء ذات البروج. وقيل: جوابه: «إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ»، عن قتادة. وقيل: قوبه: «إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ» إلى آخره، وهذان الوجهان ليس بالوجه لطول الكلام بينهما.