التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن بطش ربك لشديد 12 إنه هو يبدئ ويعيد 13 وهو الغفور الودود 14 ذو العرش المجيد 15 فعال لما يريد 16 هل أتاك حديث الجنود 17 فرعون وثمود 18 بل الذين كفروا في تكذيب 19 والله من ورائهم محيط 20 بل هو قرآن مجيد 21 في لوح محفوظ 22}

صفحة 7360 - الجزء 10

  فأصل الباب: بلوغ النهاية في الكثرة، يقال: مَجَدَتِ الإبل مجودًا: إذا نالت من الكلأ قريبا من الشبع، ومنه قول العرب: في كُلِّ شَجَرٍ نَارٌ، وَاستمجد المَرْخْ وَالعَفَار. أي: تناهيا في ذلك.

  والمحفوظ: المصون.

  · الإعراب: {يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} في محل الرفع بخبر (إنَّ).

  {فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ} في محل الكسر بدلاً من (الْجُنُودِ)، ويحتمل النصب على تقدير:

  أعني فرعون وثمود.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنه وإن أمهلهم فإنه يأخذهم، وأخذه شديد، فقال سبحانه: «إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ» أي: أخذه بالعقاب «لَشَدِيدٌ» وإذا وصف البطش بالشدة، فقد تضاعف الشدة، «إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ» قيل: يبدئ بالعذاب في الدنيا، ويعيد في الآخرة، عن ابن عباس. وذلك لاقتضاء ما قبله له. وقيل: يبدئ الخلق، فيخلقهم عن العدم ابتداء، ثم يعيدهم في الآخرة أحياء، عن الحسن، والضحاك، وابن زيد. وقيل: يبدأ بالنعمة في الدنيا ثم يعيدها في الآخرة. وقيل: يبديهم لنفعهم ويمهلهم مع قدرته على أخذهم ليتوبوا، فإذا أصروا يميتهم، ثم يعيدهم للجزاء. «وَهُوَ الْغَفُورُ» أي: عادته مغفرة الذنوب لمن أناب إليه، فهو كثير الغفران، ويغفر الذنوب العظيمة مرة بعد مرة. وقيل: يمهل، ولا يعجل بالعقوبة ليتوبوا، فإذا تابوا غفر لهم، وهذا غاية الكرام. «الْوَدُودُ» قيل: يوده كل أحد لإحسانه إليهم بأنواع النعم. وقيل: المتودد إلى أوليائه بالمغفرة، عن ابن عباس. وقيل: «الْوَدُودُ»: يود أولياءه، ويحبهم، عن مجاهد، وأبي علي. وقيل: الرحيم، عن أبي مسلم، وابن زيد. وقيل: معناه: المودود، كالحلوب والركوب. وقيل: هو الغفور يغفر، ويود الغفران. «ذُو الْعَرْشِ» أي: ربه وخالقه «الْمَجِيدُ» قيل: الكريم الكثير الإحسان، عن ابن عباس، وقتادة. وإذا جعل