قوله تعالى: {إن بطش ربك لشديد 12 إنه هو يبدئ ويعيد 13 وهو الغفور الودود 14 ذو العرش المجيد 15 فعال لما يريد 16 هل أتاك حديث الجنود 17 فرعون وثمود 18 بل الذين كفروا في تكذيب 19 والله من ورائهم محيط 20 بل هو قرآن مجيد 21 في لوح محفوظ 22}
  صفة للعرش فمعناه الرفيع؛ لأنه فوق السماء، وتطوف به الملائكة. وقيل: العرش: الملك؛ أي ذو الملك العظيم. وقيل: ذو البناء العظيم مثل السماوات والأرضين وما فيها. «فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ» أي: ما يريد أن يفعله يفعله، لا يمنعه مانع، والمانع إما أن يكون عدم قدرة فهو قادر لذاته، أو مانع حكمة فهو لا يريد إلا ما تدعو إليه الحكمة.
  «هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ» يعني حديث الجموع الكافرة، وما فعل بهم، فإن فيه معتبرًا «فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ» كيف كذبوا، وكيف نزل بهم العذاب، وقيل: هل أتاك حديثهم، وما كان منهم ومن الأنبياء، وكيف صبروا وكيف نصروا، فاصبر كما صبر أولئك ليأتيك النصر من عند الله تعالى.
  «بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ» أي: في ذلك معتبرٌ، ولكن الَّذِينَ كفروا أعرضوا عما يوجبه الاعتبار لهم، وأخذوا في الكفر والتكذيب اتباعًا لأهوائهم، ألم يعلموا أن الله {مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} أي: عالم بأفعالهم لا يخفى عليه شيء، قادر على أخذهم لا يفوته شيء.
  «بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ» أي: كذبوا بالقرآن مع عظم محله تنبيهًا على عظيم كفرهم. وقيل: (بل) بمعنى: ليس كما يقولون من التكذيب، بل هو قرآن، عن أبي مسلم. هو قرآن «مجيدٌ» كريم شريف كثير الخير والحكمة «فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ» قيل: من التغيير والتبديل والزيادة والنقصان. وقيل: اللوح المحفوظ أم الكتاب، عن مجاهد. وقيل: هو ما ضمن الله حفظه، كأنه في لوح محفوظ. وقيل: هو في لوح في السماء، مكتوب فيه القرآن وسائر ما يكون إلى يوم القيامة، وفي أوله: لا إله إلا الله وحده، ودينه الإسلام، ومحمد عبده ورسوله، فمن آمن به أدخله الجنة. واللوح من درة بيضاء، عن ابن عباس. وقيل: هو عن يمين العرش، عن مقاتل. وقيل: منه نسخ القرآن، وأنزل إلى السماء الدنيا، ثم أنزل على النبي ÷. وقيل: محفوظ أن يطلع عليه غير الملائكة.
  · الأحكام: يدل قوله: «الْوَدُودُ» على أنه يحب أهل طاعته، فيدل أنه يحب الطاعة.