التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والسماء والطارق 1 وما أدراك ما الطارق 2 النجم الثاقب 3 إن كل نفس لما عليها حافظ 4 فلينظر الإنسان مم خلق 5 خلق من ماء دافق 6 يخرج من بين الصلب والترائب 7 إنه على رجعه لقادر 8 يوم تبلى السرائر 9 فما له من قوة ولا ناصر 10}

صفحة 7366 - الجزء 10

  خلقهم ومماذا خلقهم، وكيف أنشأهم وأحياهم؟!؛ ليعلم أنه تعالى قادر على ما يشاء.

  ثم فسر، وقال: «خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ» أي: مدفوق مصبوب في الرحم. «يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ» قيل: يخرج ماء الرجل من الصلب وماء المرأة من الترائب، والله تعالى يخلق الولد منهما، عن الحسن، وأبي علي. وقيل: بل المراد ماء الفحل يخرج منه، ويصب في الرحم، عن أبي مسلم. وقيل: الترائب موضع القلادة، عن ابن عباس. وقيل: بين ثديي المرأة، عنه وعن عكرمة. وقيل: عنى به اليدين والرجلين والعينين، عن الضحاك. وقيل: النحر، عن قتادة. وقيل: نواحي الصدر، عن أبي مسلم. وقيل: إذا غلب ماء الرجل نزع الولد بالشبه إلى أهل بيت أبيه، وإذا غلب ماء المرأة نزع الشبه إلى أهل بيت أمه.

  «إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ» يعني: الذي خلقه ابتداء من هذا الماء يقدر على رجعه، وقيل: أي يرجع حيًّا بعد الموت، عن الحسن، وقتادة، وأبي علي، وأبي مسلم.

  وقيل: رد الماء في الصلب، عن عكرمة، ومجاهد. وقيل: على رد الإنسان ماء، عن الضحاك. وقيل: إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصبا، ومن الصبا إلى النطفة، عن مقاتل. وقيل: إنه على جنس ذلك الماء لقادر حتى لا يخرج، عن ابن زيد. والأحسن قول الحسن وأبي علي؛ ولذلك عقَّبه بقوله: «يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ» يعني: يوم القيامة؛ أي: تبلى بكشف الأسرار، فيظهر ما كان يخفيه، فيجل المؤمن بإظهار طاعته، ويفضح الكافر بإظهار معصيته، عن أبي علي. وقيل: يظهر الخفاء، وقيل: الابتلاء يكون الاختبار، ويكون الإظهار، عن أبي مسلم. وقيل: هي فرائض الأعمال إن سأل العبد صليت؟ وما صلى، وصمت؟ وما صام، واغتسلت من الجنابة؟ وما اغتسل، عن قتادة، ومقاتل، وعطاء بن أبي رباح. «فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ» يعني ليس لهذا الإنسان الكافر قوة تدفع العذاب عن نفسه، ولا ناصر ينصره، فيدفع عنه العذاب.