قوله تعالى: {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم 224}
  «أَنْ تَبَرُّوا» فيه أقوال:
  الأول: أن تبروا بمعنى ألا تبروا فحذف (لا) عن أبي عبيدة، قال امرؤ القيس:
  فَقُلْتُ يَميِنُ اللَّه أَبْرَحُ قَاعِدًا ... لًوْ قَطَّعُوا رَأْسِي لَدَيْكَ وَأَوْصَالِي
  أي لا أبرح.
  الثاني: لِتَرْكِ أن تبروا في قول ابن عباس فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، وتقديره لترك البر، أي لا تحلفوا على ترك البر والتقوى والطاعات.
  والثالث: لأن تبروا على معنى الإثبات، ومعنى تبروا قيل: في اليمين، وقيل: إنه من البر يعني ينهاكم عن كثرة اليمين: لِمَا في تَوَقَي ذلك من البر والتقوى والإصلاح، فكونوا يا معشر المسلمين من بين سائر الناس بررة أتقياء مصلحين في الأرض، غير مفسدين، عن أبي مسلم.
  «وَتَتَّقُوا» أي تتقوا الإثم والمعاصي في الأيمان «وَتُصْلِحُوا بَينَ النَّاسِ» يعني إذا عرفتم بقلة الأيمان وتصلحوا بقولكم «وَاللَّه سَمِيعٌ» لأقوالكم «عَلِيم» بما في ضمائركم لا تخفى عليه من ذلك خافية.
  · الأحكام: الآية تدل على المنع من كثرة اليمين.
  وتدل على إباحة اليمين بِاللَّهِ إذا قصد بها البر.
  وتدل على أن اليمين في غير البر لا تغير البر.
  وتدل على أن المتعبد به هو اليمين بِاللَّهِ تعالى.