قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى 1 الذي خلق فسوى 2 والذي قدر فهدى 3 والذي أخرج المرعى 4 فجعله غثاء أحوى 5 سنقرئك فلا تنسى 6 إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى 7 ونيسرك لليسرى 8}
  يستحق صفاته غيره، فيجل عن صفات المحدثين من أن يشبهه أحد «الَّذِي خَلَقَ» الأشياء على موجب إرادته وحكمته «فَسَوَّى» قيل: سوى: عدل، أي: سوى خلقه وأعضاءه وحواسه، وقيل: سوى صنعها على ما أراد؛ إذ لم يكن فيه تفاوت في الحكمة ولا قبيح، عن أبي علي. «وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى» قيل: قَدَّرَ القوت، وهدى لطلبه، وقيل: قدر الخلق على ما خلقهم من الصور والهيئات وأجرى لهم من أسباب المعاش، وهدى بذلك إلى معرفة توحيده، عن أبي علي. وقيل: قدر الآجال والأرزاق، وهدى إلى التوحيد بإظهار الآيات، وقيل: خلق على مقدار معلوم، وأكمل العقل، وهدى إلى الدين، وقيل: قدر لكل دابة ما يصلحها، وهداها إليها، عن عطاء، وأبي مسلم. وقيل: قدر كل شيء، وهدى إليه، فهدى الطفل إلى ثدي أمه، والفرخ إلى أمه، والدواب والطيور، فكل أحد يفزع إلى أمه، ويطلب المعيشة من جهته، فسبحان من قدر ذلك وهدى، وقيل: هدى لسبيل الخير والشر، عن مجاهد. وقيل: هدى خَلْقَهُ كيف يأتي الذَّكَرُ الأنثى، عن مقاتل، والكلبي. وقيل: قدر المنافع في الأشياء، وهدى الإنسان لاستخراجها منه، فجعل بعضها غذاءً، وبعضها دواءً، وبعضهًا سمًّا، وهدى إلى جميع ما يحتاج إلى جميعها، وقدّر في الأرض والجبال المعادن والجواهر، وهدى كيف تستخرج، وكيف يستعمل كل من على وجه آخر قَدَّرَهُ الله، وقيل: قدر [الولد] في الرحم تسعة أشهر وأقل وأكثر، وهدى للخروج منه، عن السدي. «وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى» الحشيش والنبات، وما هو أقوات البهائم والوحوش من بين أخضر وأصفر، وأحمر وأبيض «فَجَعَلَهُ غُثَاءً» أي: ضروبًا وأجناسًا من المرعى، عن أبي مسلم. وقيل: غثاء هشيمًا يابسًا مفتتًا، عن أبي علي. «أَحْوَى» قيل: أسود من شدة خضرته، وقيل: فيه تقديم وتأخير، تقديره: أخرج المرعى أحوى فجعله غثاءً، يعني كان رطبًا، ثم صار يابسًا قوتًا للبهائم في الحالتين، فسبحان من قدر هذا التقدير، ودبر هذا التدبير «سَنُقْرِئُكَ» قيل: سنعلمك القرآن، ويقرأه عليك جبريل بأمري؛ لأن الإقراء التعليم، ومنه: المقرئ «فَلاَ تَنْسَى» قيل: هو خبر، وقيل: نهي