التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فيها عين جارية 12 فيها سرر مرفوعة 13 وأكواب موضوعة 14 ونمارق مصفوفة 15 وزرابي مبثوثة 16 أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت 17 وإلى السماء كيف رفعت 18 وإلى الجبال كيف نصبت 19 وإلى الأرض كيف سطحت 20 فذكر إنما أنت مذكر 21 لست عليهم بمصيطر 22 إلا من تولى وكفر 23 فيعذبه الله العذاب الأكبر 24 إن إلينا إيابهم 25 ثم إن علينا حسابهم 26}

صفحة 7390 - الجزء 10

  · الإعراب: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى} استثناء منقطع، معناه: لكن من تولى، قال أبو مسلم: معناه: بل من تولى، وقيل: هو استثناء صحيح راجع إلى قوله: «مسيطر» يعني إلا من تولى فإنك مسيطر عليهم بالجهاد حتى يسلموا، وبعد ذلك يعذبه الله العذاب الأكبر، وقيل: هو راجع إلى قوله: {فَذَكِّرْ} قومك إلا من تولى وأعرض، ولا تنفعه التذكرة.

  · النزول: ذكر أهل التفسير أن الله تعالى لما وصف الجنة بما في هذه السورة عجب الكفار وكذبوا بها، فذكرهم الله قدرته بصنعه، وأنزل: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ} الآيات.

  · النظم: يقال: كيف يتصل ذكر الإبل وما بعدها بوصف الجنة ونعيمها؟

  قلنا: فيه وجوه:

  قيل: يتصل بأول السورة، والضمير في قوله: {يَنْظُرُونَ} راجع إلى {عَامِلَةٌ} لم ينفعهم عملهم، فلما ذكر عقابهم وذكر ثواب المؤمنين عاد عليهم بالاحتجاج بالإبل والسماء والأرض والجبال، وكيفية خلقها ودلالتها على صانع حكيم، يعني هَؤُلَاءِ الكفار هلا نظروا في صنع الله، فعرفوه، وعبدوه، عن أبي مسلم.

  وقيل: لما ذكر ارتفاع سرر الجنة، وفسَّر رسول الله ÷ أن ما بين الدرجات كذا، وذكر البُسُطَ، فعجبوا من عظمها، وقالوا: كيف نصعد عليها؟ فأراهم الإبل كيف تُرْكَبُ مع عِظَمِها، وكيف سخرت حتى تنام لِيُحْمَلَ عليها ثم تقوم، والسماء كيف رفعها، والأرض كيف سطحها، والجبال كيف أحكمها، رَدًّا عليهم في معنى قول قتادة.

  ومتى قيل: لِمَ خص الإبل من بين سائر الدواب والحيوانات؟

  قلنا: لأنها جل مال العرب التي يمارسونها من صغرهم إلى كبرهم، ويعرفون أحوالها، ولم يروا بهيمة أعظم منها، عن مقاتل، وأبي مسلم.