قوله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم 225}
  إبراهيم. «وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ» أي عزمتم وقصدتم، وفيه حذف أي من أيمانكم «وَاللَّهُ غَفُور» يغفر الذنوب «حَلِيمٌ» يمهل ولا يعجل بالعقوبة.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الأيمان تنقسم إلى لغو لا يؤاخد به، وإلى غير لغو يؤاخذ به، ثم يحتمل أنه لا يؤاخذ بكفارته، ويحتمل بعقوبته، ويحتمل بهما، وكذلك فيما يؤخذ، وهذا مما لا بد له من بيان، فَعُدَّ في المجمل والمبين، والسنة، وقد قال أصحابنا: الأيمان ثلاث: اللغو، وقد بيناه ولا إثم فيه ولا كفارة، والثاني: الغموس، وهو أن يتعمد بالحلف كاذبًا، وفيه التوبة ولا كفارة، وقال الشافعي: الكفارة أيضًا، وهذان يقعان في الماضي، والثالثة المنعقدة على المستقبل أن يفعل أو لا يفعل، فإذا حنث ففيه الكفارة، وهذا قول الحسن وجماعة من الفقهاء، ثم اليمين المنعقدة ثلاث: على طاعة فيجب الوفاء بها، فإن حنث فعليه الكفارة، وعلى معصية فيجب ألا يأتي، فإن أتى عصى اللَّه، وكفَّر [عن] يمينه، وعند الشافعي لا كفارة، ويمين على مباح، فيخير بين الحنث والبر، فإن حنث فعليه الكفارة.
  والأيمان على ضربين: يمين بِاللَّهِ، أو صفة من صفات ذاته، وفيه الكفارة، كقولك: واللَّه، وقدرة اللَّه، والثاني: بغير اللَّه فهو على ضربين: إن لم يكن شرطًا وجزاءً فليس بيمين، كقولهم: والقرآن والقبلة، فإن كان شرطًا وجزاء يعد يمينًا في عرف الشرع، كما لو قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر ونحوها، فإن كانت اليمين بِاللَّهِ فحروف القسم ثلاثة: الباء، وهي الأصل، ثم الواو فرع عليه، ثم التاء فرع على الواو، فالباء تدخل على جميع الأسماء وعلى المضمرات، والواو تدخل [على] اسم اللَّه دون المضمرات، والتاء تدخل على اسم اللَّه تعالى فقط، وجواب اليمين على أربعة أوجه: اللام، وما، وإن، ولا، نحو: لأشكرن، وما قلت، وإنه لكاذب، ولا كلمته.