التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والفجر 1 وليال عشر 2 والشفع والوتر 3 والليل إذا يسر 4 هل في ذلك قسم لذي حجر 5 ألم تر كيف فعل ربك بعاد 6 إرم ذات العماد 7 التي لم يخلق مثلها في البلاد 8 وثمود الذين جابوا الصخر بالواد 9}

صفحة 7400 - الجزء 10

  والذل، والقدرة والعجز، والعلم والجهل، والحياة والموت، والوتر: انفراد صفات الله تعالى: موجود لا يجوز عليه العدم، قادر لا يجوز عليه العجز، حَيٌّ لا يجوز عليه الموت، عالم لا يجوز عليه الجهل، وقيل: الشفع علي وفاطمة، والوتر: محمد ÷، والأوجه أن يحمل على جميع ما خلق، على ما قاله أبو علي، تنبيهًا على عظيم قدرته، ومواقع نعمه.

  «وَاللَّيلِ إِذَا يَسْرِ» أي: يذهب ويسير بظلامه حتى ينقضي ويطلع الفجر، عن أكثر المفسرين، وهو قول أبي مسلم. وقيل: معناه جاء وأقبل إلينا، عن قتادة، وأبي علي.

  واختلفوا، فقيل: أراد جنس الليالي، وإنما أقسم بربها أو أقسم بها؛ لما فيها من الجبر، وقيل: بل أراد ليلة بعينها تشريفًا لها، فقيل: ليلة المزدلفة، عن قتادة، ومجاهد، والكلبي. وفيها يسري الحاج من عرفة إلى مزدلفة ثم يصلي الغداة بها، ويغدو إلى منى «هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ» أي: مقنع ومكتفى في القسم لذي عقل ونُهًى، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد. وهذا استفهام، والمراد التقرير؛ أي: في القسم بهذه الأشياء كفاية «أَلَمْ تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ» وهم قوم هود «إِرَمَ» اختلفوا في إرم على أقوال أربعة:

  أولها: أن إرم بلد، ثم اختلفوا، فقيل: هو دمشق، عن أبي سعيد المقبري، وسعيد بن المسيب، وعكرمة. وقيل: بلد في الإسكندرية، عن محمد بن كعب القرظي. وقيل: إرم بناء بناها شداد بن عاد، وأراد أن يدخلها، فأهلكه الله تعالى بصيحة نزلت من السماء.

  وثانيها: أن إرم نَسَبُ عاد، ثم اختلفوا، فقيل: هي أمه، عن مجاهد، وقيل: هم قبيلة من عاد، عن قتادة، ومقاتل. وقيل: هو جد عاد فهو عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، عن ابن إسحاق. وقيل: عاد الأولين بن إرم، وقيل: إرم أب عاد، فهو عاد بن إرم، وقيل: هو سام بن نوح بن شيث عاد إليه، عن ابن عباس. قال الكلبي: إرم الذي يجتمع إليه نسب عاد، وثمود أهل السواد والجزيرة.

  وثالثها: أنه ليس بنسبةٍ ولا بلد، وإنما أضيف إليه للتعريف، ثم اختلفوا، فقيل: