التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والفجر 1 وليال عشر 2 والشفع والوتر 3 والليل إذا يسر 4 هل في ذلك قسم لذي حجر 5 ألم تر كيف فعل ربك بعاد 6 إرم ذات العماد 7 التي لم يخلق مثلها في البلاد 8 وثمود الذين جابوا الصخر بالواد 9}

صفحة 7401 - الجزء 10

  إرم صفة لعاد، وكان عاد يعرف به ويوصف به ليتميز به من غيره ممن اسمه عاد، عن أبي علي. وقيل: بل إرم اسم آخر لعاد، فكان له اسمان، عن الحسن، وأبي مسلم. وقيل: إرم: بنيانٌ بناؤُهُ رفيعُ البنيانِ، فأضيف إليه كأنه قيل: صاحب إرم.

  ورابعها: أن الإرم الهلاك؛ أي: أهلكهم وجعلهم رِمَمًا، وظاهر التلاوة ما قاله أبو علي وأبو مسلم؛ لأن إرم بدل من عاد.

  «ذَاتِ الْعِمَادِ» قيل: ذات الطول، عن ابن عباس، ومجاهد. من قول العرب: رجل مُعَمَّدٌ؛ أي: طويل مشبه بعماد البيت، قال الكلبي: كان طول أحدهم أربعمائة ذراع، وقال مقاتل: كان طول أحدهم اثني عشر ذراعا، وقيل: ذات عمد للأبيات ينتقلون من مكان إلى مكان، عن قتادة. وقيل: ذات العماد في إحكام البنيان، عن ابن زيد. وقيل: ذات القوى الشداد، عن الضحاك وروي مرفوعًا، كان الرجل يأتي الصخرة، فيحملها على الحي ليهلكهم، وقيل: كانت لهم جنات وزروع، وكانوا يسكنون بوادي القرى، وقيل: ذات الأبنية العظام المرتفعة، عن الحسن، وأبي علي. وقيل: إرم ذات العماد هو الجنة التي بناها شداد بن عاد، وذكروا أنه أراد أن يدخلها، فأهلكه الله تعالى، وقيل: ذات الرفعة والقوة، عن أبي مسلم.

  «الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ» مثل عاد في عظم أجسامهم وكثرة قوتهم، ثم ذلك لم يغنهم عن عذاب الله من شيء لما خالفوا أمره «وَثَمُودَ» هم قوم صالح «الَّذِينَ جَابُوا» قيل: قطعوا «الصَّخْرَ» وقيل: قطعوا الجبال بيوتًا، عن مجاهد. «بِالْوَادِ» قيل: بواديهم، وقيل: بوادي القرى، فاتخذوا منها أبنية، قيل: هم أول من نحت الصخر.

  ومتى قيل: كيف دخل هذا بين القسم والمقسم به، وذلك يمنع تعلق أحدهما بالآخر، وكيف نظمه؟

  قلنا: من قال جواب للقسم محذوف مضمر، فلا سؤال عليه، ومن قال الجواب قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} يقول: لهذا الكلام تعلق بالقسم، كأنه يقول: والذي خلق الفجر وأهلك عادا وثمودَ مع قوتهم، وقيل: جواب القسم لنقبضن على كل ظالم، كما قبضنا على أولئك.