قوله تعالى: {والفجر 1 وليال عشر 2 والشفع والوتر 3 والليل إذا يسر 4 هل في ذلك قسم لذي حجر 5 ألم تر كيف فعل ربك بعاد 6 إرم ذات العماد 7 التي لم يخلق مثلها في البلاد 8 وثمود الذين جابوا الصخر بالواد 9}
  لَبِالْمِرْصَادِ» قيل: يسمع أقوالهم ويرى أفعالهم وأشخاصهم، عن ابن عباس. وقيل: بإنصاف المظلوم من الظالم، عن الحسن، والضحاك. وقيل: لا يفوته أحد حتى يجازى، وينتصف بين المظلوم والظالم، عن عطاء. وقيل: يرصد الناس على الصراط ويأمر الملائكة بذلك ويجعلهم رصدًا، عن مقاتل. وقيل: بمرصد لأهل الظلم والمعصية، عن الضحاك. وهو وعيد لهم بأنهم يجازون ولا يفوتون، وقيل: مصير الخلق ومرجعهم إلى حكمه وأمره، عن أبي مسلم. وقيل: يرصد أعمال بني آدم، عن الحسن، وعكرمة. وقيل: يحاسب الناس على جسر جهنم، وهي سبعة جسور، يحاسب في الأول على الإيمان، وفي الثاني على الصلاة، وفي الثالث على الزكاة، وفي الرابع على الصوم، وفي الخامس بالحج، وفي السادس بالعمرة، وفي السابع بالمظالم، فإن أتى به انطلق إلى الجنة. وقيل لأعرابي: أين ربنا؟ قال: بالمرصاد، وليس المراد به المكان؛ لأنه ليس بجسم، وسئل علي: أين كان ربنا؟ فقال: (أين) سؤال عن المكان وكان الله ولا مكان. «فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ» أي: عامله معاملة المختبر بأن كلفه ليظهر المعلوم منه «فَأَكْرَمَهُ» بالإنعام عليه والإحسان إليه «وَنَعَّمَهُ» بأنواع النعم دينًا ودنيا «فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ» أي: يَفرح ويُسرُّ ويقول: أعطاني هذا لمنزلتي عنده، فيظن ذلك مجازاة له على عمله وواجبًا على ربه «وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ» ربه «فَقَدَرَ عَلَيهِ رِزْقَهُ» أي: ضيق عليه معيشته «فَيَقُولُ رَبّي أَهَانَنِ» يظن ذلك عقوبة وجزاء وذلاً «كَلَّا» ردع وزجر؛ أي: ليس الأمر كما تظن؛ لأنه تعالى قد يوسع على العصاة، ويضيق على المؤمنين المخلصين بحسب ما يرى من المصلحة، فلا سعة الرزق تدل على منزلة له عند ربه، ولا ضيق الرزق يدل على سوء حال له عنده؛ ولكن أَنْعَمَ، وابتلى بالشكر، وَقَدَرَ وابتلى بالصبر، قال الفراء: معنى (كَلَّا) لا ينبغي أن يكون هكذا، ولكن ينبغي أن يحمدوا الله على الأمرين، وقيل في (كَلَّا) تكذيب من الله لهذا القائل، وقال: لا بالغنى أكرمت، ولا بالفقر أهنت، وإنما أكرم بالتقوى،