قوله تعالى: {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا 21 وجاء ربك والملك صفا صفا 22 وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى 23 يقول ياليتني قدمت لحياتي 24 فيومئذ لا يعذب عذابه أحد 25 ولا يوثق وثاقه أحد 26 ياأيتها النفس المطمئنة 27 ارجعي إلى ربك راضية مرضية 28 فادخلي في عبادي 29 وادخلي جنتي 30}
  ولا يؤخذ بذنبه أحد، فأما على قراءة الباقين بكسر الذال والثاء قيل: لا يعذِّب كعذاب الله أحد ولا يوثق كوثاقه أحد، عن الحسن، وقتادة. وذلك مبالغة في شدة عذاب الله، وأن أحدًا لا يبلغ ذلك المبلغ، وقيل: فيومئذ لا يعذب عذابه أحد فداء له من العذاب؛ لأنه المستحق له، إشارة أنه لا يعاقب أحد بذنب غيره، وأنه لا يجعل ما جعل الله في عنقه في عنق غيرة بل يفعل ذلك به لاستحقاقه، والوثاق الشد في السلاسل والأغلال، عن أبي علي. قيل: [لا] يُعَذَّبُ كعذاب هذا الكافر أحدٌ، عن أبي مسلم قال: وليس المراد إنساناً بعينه؛ وإنما المراد كل مَنْ هذه صفته وفعله الفعل المحكي عنه، وقيل: لا يسند لأحد أمر في تعذيب ووثاق إلا له، فهو المعذب، وهو الآمر، بين أن العذاب والوثاق يومئذ بأمره وحكمه، وهو يعلم مقاديرهم، فيفعل بكل أحد ما يستحقه، فلا يتصور ثَمَّ ظُلْمٌ، ولو كان الأمر في يد غيره لكان لا يؤمن الظلم والزيادة في العقوبة كما في الدنياة «يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ» قيل: المطمئنة الآمنة بما تبشر عند الموت ويوم البعث، عن ابن زيد. وقيل: المطمئنة بالمعرفة بِاللَّهِ والإيمان به وبدينه، عن مجاهد. وقيل: المطمئنة البشارة بالجنة لما قدم من الأعمال الصالحة، وقيل: المطمئنة التي يبيض وجهه، ويعطى كتابه بيمينه يطمئن، عن الكلبي، وأبي روق. وقيل: المؤمنة الموقنة، عن الحسن. وقيل: المطمئنة بذكر الله، الآمنة من عذاب اللَّه، الراضية بقضاء الله، وقيل: المخلصة، عن ابن كيسان. فإنما تطمئن قلوب عناء أهل التوحيد والعدل حيث عرفوا الله بصفاته وحكمته وعدله، وأنه أمرهم ونهاهم ووعده لهم بالثواب، فَرَضَوْا بقضائه، وشكروا نعمه، واتقوا معاصيه، وعلموا أنه لا يجوز عليه فعل الظلم، فسكنت أنفسهم إلى وعده الثواب والأعواض، وأمنوا العذاب، وأنه ينتصف لهم إن ظلمهم غيرهم، وأنه في تحمل المشاق لا يضيع سعيه ألبتَّة. فأما الْمُجْبِرَة فقط لا يطمئن قلبهم؛ لأنهم إن أطاعوا لا يأمنون عقابه؛ لأنهم يُجَوِّزون أنهم خلقوا للنار، وأنه يعذبهم وإن أطاعوا، ولا يرجون على أعمالهم ثوابًا، ولا على ما نالهم من المحن والبلاء أعواضًا، وقط على مذهبهم لا يتصور أن يطمئن قلبهم، تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا. «ارْجِعِي