التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا أقسم بهذا البلد 1 وأنت حل بهذا البلد 2 ووالد وما ولد 3 لقد خلقنا الإنسان في كبد 4 أيحسب أن لن يقدر عليه أحد 5 يقول أهلكت مالا لبدا 6 أيحسب أن لم يره أحد 7 ألم نجعل له عينين 8 ولسانا وشفتين 9 وهديناه النجدين 10}

صفحة 7417 - الجزء 10

  وقيل: بل نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وذلك أنه أذنب ذنبًا، فأمره رسول الله، ÷ بتكفير، فقال: لقد ذهب مالي في الكفارات والنفقات مذ دخلت في دين محمد، والأولى أنها على عمومها، فالمعتبر باللفظ، لا بالسبب.

  · النظم: يقال: كيف يتصل قوله: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ}، بما قبله؟

  قلنا: فيه وجوه:

  منها: كيف يحسب أن لا يراه الله وهو الذي خلقه، وجعل له عينين يرى بهما ولسانًا وشفتين يتكلم بهما.

  ومنها: أنه يتصل بقوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} حيث كلفناه، ولكن أَزَحْنَا علته بأن جعلنا له عينين، وَنَبَّه على سائر الأعضاء.

  ومنها: أنه يتصل بقوله: {أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ} كيف ظن ذلك وقد خلقناه وجعلنا له عينين، وإنما خص هذه الأعضاء؛ لأن العينين بهما يبصر الدلائل، وباللسان والشفتين يتكلم.

  ومنها: لما تقدم الحكاية عن الكافر استدل عليه بذلك، وبدأ بالعين لعجيب خلقته في الرؤية، وباللسان لعجيب خلقته في الكلام، وَبَيَّنَ أنه هداه، وإنما أُتِيَ في كفره من جهته.

  · المعنى: «لاَ أُقْسِمُ» قيل: (لا) صلة والمعنى أقسم، والبلد المشار إليه مكة، عن أبي علي وجماعة، كقولهم: لا، والله لأفعلن، ولا يريدون نفي القسم، قال الشاعر:

  وَما أَلومُ البِيضَ أَلَّا تَسْخَرا