التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا أقسم بهذا البلد 1 وأنت حل بهذا البلد 2 ووالد وما ولد 3 لقد خلقنا الإنسان في كبد 4 أيحسب أن لن يقدر عليه أحد 5 يقول أهلكت مالا لبدا 6 أيحسب أن لم يره أحد 7 ألم نجعل له عينين 8 ولسانا وشفتين 9 وهديناه النجدين 10}

صفحة 7420 - الجزء 10

  وَنَحْنُ أَغْلَظُ أَكْبَادًا مِنَ الْإِبِلِ

  وقيل: في ضيق عيش، عن سعيد بن جبير. وقيل: في مقاسات الأمور، عن ابن كيسان. وقيل: في شدة الأمر والنهي والثواب والعقاب، وقيل: الإنسان: آدم خلق في كبد السماء حتى رفع إلى الجنة، عن ابن زيد. وقيل: في ظلمة وجهل، عن عطاء. وقيل: مضيعًا ما يعنيه، مشتغلًا بما لا يعنيه «أَيَحْسَبُ» يعني الإنسان: «أَن لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ» قيل: من قوته وعدته، وقيل: يحسب أن لن نقدر على إعادته بعد موته، وعلى مجازاته على أعماله، وقيل: المراد بـ (أحد) هو الله تعالى، يعني يظنون أنه لا يقدر على هلاكهم، وهذا استفهام والمراد الإنكار، أي: لا يحسبن ذلك، وقيل: على تغيير أحواله اغترارًا بنفسه، وقيل: من قسوته وغلظ كبده يظن ذلك، ويعمل في المعاصي عمل مَنْ أَمِنَ العاقبة، عن أبي مسلم. «يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا» يعني هذا الكافر يقول: أهلكت مالاً جمًّا في غير طاعة الله، تندمًا وتحسرًا، عن أبي علي. وقيل: أهلكت مالاً كثيرًا في خلاف محمد، فلم يُغْنِ شيئًا، وقيل: أنفقت مالاً جمًّا على سبيل الافتخار، ويحتمل أن يكون في رجل بعينه وعامًا في جميع من يفتخر بالإنفاق، عن أبي مسلم. وقيل: ماله من أمر بالكفارة على ما تقدم في النزول، وقيل: كأن يقول: أتلفت مالي فمن يحاسبني به، ألم يعلم أن الله قادر على محاسبته، وقيل: «لُبَدًا» كثيرًا، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد. «أَيَحْسَبُ أَن لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ» يقول: أنفقت المال العظيم في غير مرضاة الله، ويظن أن لم يره أحد؛ أي: لا يؤاخذه بإنفاقه أحد، وقيل: افتخر بكثرة الإنفاق ظانًّا أن الله لا يعلم حاله، وقيل: أيحسب أن لم يره أحد، فيطالبه من أين اكتسبه وفيماذا أنفقه عن قتادة، وسعيد بن