التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا أقسم بهذا البلد 1 وأنت حل بهذا البلد 2 ووالد وما ولد 3 لقد خلقنا الإنسان في كبد 4 أيحسب أن لن يقدر عليه أحد 5 يقول أهلكت مالا لبدا 6 أيحسب أن لم يره أحد 7 ألم نجعل له عينين 8 ولسانا وشفتين 9 وهديناه النجدين 10}

صفحة 7421 - الجزء 10

  جبير. وعن ابن عباس، عن النبي ÷: «لا تزول قدما العبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟ وعن ماله [من] أين جمعه وفيماذا أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟ وعن حبنا أهل البيت «، وقيل: يحسب أن لا بعث ولا حساب على ما أنفق، وقيل: (أحد) أراد: محمدًا، ÷ يعلم مقدار نفقته، وهو يكذب فيما يقول: أنفقت» أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَينَينِ «يعني ألم نبصره أمره بأن جعلنا له عينين يبصر بهما، وهذا استفهام، والمراد التقرير، أي: جعلنا له عينين، فيهما دلائل صنعه، وآثار حكمته ونعمته، وقال قتادة: إنما يقرر كي تشكر» وَلِسَانًا وَشَفَتَينِ «بهما يتكلم» وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ» الطريقين، قيل: طريق الخير والشر، عن ابن مسعود، وابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، ونظيره: {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}⁣[الإنسان: ٣] وقيل: أرشدناه للتدبير، عن ابن عباس، وسعيد بن المسيب، والضحاك. والمعنى أنه أكمل عقله ونصب الأدلة ونبهه عليها حتى تمكن من العمل بالخير والشر، وإنما ذكر النجد؛ لأنه بالعقل يطلع على هذه الأحوال كمن صعد مكانًا مرتفعًا يطلع على الأماكن القريبة والبعيدة.

  · الأحكام: تدل الآيات على تعظيم مكة خصوصًا عند حلوله فيها، وكونه بها؛ لأن عند ذلك تتضاعف الحرمة.

  وتدل على عظيم نعمه تعالى بالإنسان، وما يتكامل به من النعم والقربات، فتدل أنه خلق الإنسان في الدنيا للشدة والصبر عليها.

  وتدل أنه محفوظ عليه عمله.

  وتدل أنه بَيَّنَ طريق الخير والشر، وأن العبد مُمَكَّنٌ من الأمرين على ما نقوله، خلاف ما يقوله أهل الجبر في المخلوق والاستطاعة والإرادة.