التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا اقتحم العقبة 11 وما أدراك ما العقبة 12 فك رقبة 13 أو إطعام في يوم ذي مسغبة 14 يتيما ذا مقربة 15 أو مسكينا ذا متربة 16 ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة 17 أولئك أصحاب الميمنة 18 والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة 19 عليهم نار مؤصدة 20}

صفحة 7424 - الجزء 10

  · الإعراب: نصب «يتيمًا» و «مسكينًا» بـ «(إطعام)».

  و «ذا مقربة» نعتٌ لليتيم.

  و «ذا متربة» نعتٌ للمسكين.

  «مُوصَدَةٌ» نعتٌ للنار.

  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى أنه هدى إلى النجدين طريق الخير والشر، بيّن طريق الخير بلفظ العقبة لشدتها على النفس، ثم بين حال الفقير، فقال تعالى: «فَلاَ اقْتَحَمَ» أي: ما دخل، وفيه أقوال:

  الأول: أنه دعاء عليه بألَّا يقتحم تلك العقبة، والمراد به الشدة والمشقة، كما يقال: لا غفر الله له، وفي خبر الجمعة: فلا جمع الله شمله ولا بارك الله في أمره، والمعنى: لا نجا من تلك المشقة، ولا جاوزها إلى الرجاء، والمراد العذاب.

  والثاني: أنه إخبار عنه بأنه لم يفعل ذلك؛ لأن (لا) متى قرن بلفظ الماضي كان المراد به الخبر، قال الشاعر:

  وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لاَ أَلمَّا

  أي: لم يلم بذنب، فالمعنى قيل: إنما يخبر لأنه لم يقتحم العقبة بعد، ولو اقتحم لما أخبر، وقيل: لم يجاوز هذا الإنسان العقبة، فكيف يأمن ولم يجاوز العقبة؟

  وهي ما فسر من فعل، فكأنه قيل: كيف يأمن ولا اقتحم العقبة، ولا فك الرقبة، ولا أطعم يتيمًا، وبهذه الأحوال يسهل اقتحام العقبة، قال الفراء: لم يكرر (لا) في اللفظ، وهي بمنزلة المكرر في المعنى، كأنه قيل: فلا اقتحم العقبة، ولا فك الرقبة ولا أطعم.