قوله تعالى: {والليل إذا يغشى 1 والنهار إذا تجلى 2 وما خلق الذكر والأنثى 3 إن سعيكم لشتى 4 فأما من أعطى واتقى 5 وصدق بالحسنى 6 فسنيسره لليسرى 7 وأما من بخل واستغنى 8 وكذب بالحسنى 9 فسنيسره للعسرى 10 وما يغني عنه ماله إذا تردى 11 إن علينا للهدى 12}
  فأما من قال: إنها نزلت في أبي بكر اختلفوا: فقيل: إنه أسلم، وله من المال أربعون ألفًا فأنفقها كلها، وأعتق سبعة، كلهم يعذَّب: بلال، وعامر بن فهيرة، والنهدية، وزِنِّيرَة، وأم عميس، وغيرهم، عن عروة بن الزبير.
  وقيل: لما أسلم بلال ذهب يسلح على الأصنام، وكان عبدًا لعبد الله بن جدعان، فشكوه إليه، فوهبه منهم، فجعلوا يعذبونه، وهو يقول: أحدٌ أحدٌ، فمر به النبي ÷ فقال: «ينجيك أحدٌ أحدٌ» ثم أخبر أبا بكر، فحمل أبو بكر رطلاً من ذهب وابتاعه وأعتقه، عن ابن عباس.
  وقيل: لما سافر أبو بكر قال أمية بن خلف: نبيعه بعبدك نِسْطَاسٍ، وكان عبدًا روميًّا لأبي بكر صاحب عشرة آلاف دينار، ودعاه أبو بكر إلى الإسلام فأبى، فلما قال أمية ذلك باعه به، فقال المشركون: ما فعل أبو بكر ذلك إلا ولبلال عنده يد، فنزل فيه: {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى} أي: ممن أعتقهم، عن سعيد بن المسيب.
  وقيل: كانت الزِّنِّيرة لبني عبد الدار، أسلمت فَعَمِيَتْ، فقالوا: أعمتها اللاتُ والعزى، فقالت: كفرتُ باللات والعزى، فرد الله عليها بصرها، وَمَرَّ بها أبو بكر، وهي تعذب، فاشتراها، فأعتقها.
  فأما من قال: إنها نزلت في رجل من الأنصار: فروي أن رجلاً كان له نخل، وكان يسقط منها في دار جاره، فشكاه إلى النبي ÷، فقال النبي ÷: «بعنيها بنخلة من الجنة» فقال: لا، فلما خرج لقيه الأنصاري، وكان يقال له: أبو الدحداح، فاشتراها بحائط له، ثم باعها من النبي ÷ بنخلة في الجنة، ودعا النبي ÷ ذلك الرجل وكان من الأنصار، وقال: «خذها» فنزل: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}.
  فأما من قال: إنها عامة: قال: كل من كان بهذه الصفة فالآية متناولة له، وروي أن أبا قحافة قال لأبي بكر لما اشترى هَؤُلَاءِ: لو اشتريت رجالا جلدًا يمنعونك