التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والليل إذا يغشى 1 والنهار إذا تجلى 2 وما خلق الذكر والأنثى 3 إن سعيكم لشتى 4 فأما من أعطى واتقى 5 وصدق بالحسنى 6 فسنيسره لليسرى 7 وأما من بخل واستغنى 8 وكذب بالحسنى 9 فسنيسره للعسرى 10 وما يغني عنه ماله إذا تردى 11 إن علينا للهدى 12}

صفحة 7443 - الجزء 10

  الصالح، عن الفراء. أي: نسهل ذلك له بالألطاف «وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ» بحقوق الله فلم يؤدها «وَاسْتَغْنَى» عن ربه فلم يرغب في ثوابه، وقيل: بخل بفعل ما كلف، واستغنى بكفره، عن الأصم. وقيل: بخل: لم يؤد ما فرض الله عليه، ولم يؤد حقوق المال، يعني لم يطع الله، وبخل على نفسه بثوابه، وقيل: بخل بالحقوق واستغنى بشهوات الدنيا وجمعها، وقيل: استغنى بأن أظهر الغنى عنه، ولم يحتشم من فعل المعاصي، وقيل: بخل وطلب الغنى بالبخل، وقيل: لما كَذَّبَ بالجنة والثواب دعاه ذلك إلى البخل: لأن الإنسان يعطي المال رجاء الثواب «وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى» قيل: بالجنة والثواب، وقيل: بالخلف، وقيل: بالتضعيف، وقيل: بالتوحيد «فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى» قيل: نسهل له، أي: نؤديه إلى حالة العسر، وهو العذاب، وقيل: نُدْخِله جهنم، وقيل: نيسره للأعمال الموجبة للعذاب، وهذا إن حمل على التمكين والتخلية صح مع بُعْدِهِ؛ لأنه تعالى لا يلطف في المعصية «وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى» أي: لا يكفي عنه ماله إذا هلك بالعذاب، يعني أنه بخل بماله، ولم ينفعه ماله عند حلول العذاب به، «تَرَدَّى» قيل: هوى في النار، عن قتادة، وأبي صالح، وأبي علي. وقيل: إذا مات وهلك، عن مجاهد. «إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى» بيان الطاعة من المعصية، عن قتادة. وقيل: علينا أن نهدي العباد إلى ما كلفناهم، عن أبي علي. وقيل: علينا الطريق فلا يفوتنا أحد، عن أبي مسلم. وقيل: علينا البيان، فأما الاهتداء أو فعل الهدى فإليكم.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: أن أعمال العباد مختلفة فدل أن لهم سعيًا وعملاً، خلاف من يقول: إن جميعها خلق الله تعالى.

  وتدل أن بعضهم يسعى للدنيا، وبعضهم للآخرة، وبعضهم للجنة، وبعضهم للنار، ولا اختلاف أعظم من هذا.

  ويدل قوله: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} على أمور: