قوله تعالى: {والضحى 1 والليل إذا سجى 2 ما ودعك ربك وما قلى 3 وللآخرة خير لك من الأولى 4 ولسوف يعطيك ربك فترضى 5 ألم يجدك يتيما فآوى 6 ووجدك ضالا فهدى 7 ووجدك عائلا فأغنى 8 فأما اليتيم فلا تقهر 9 وأما السائل فلا تنهر 10 وأما بنعمة ربك فحدث 11}
  فأنزل الله تعالى هذه السورة، وهذا وإن كان أخبار آحاد فلا مانع منه؛ لأن الوحي إنما ينزل للمصلحة، وقد تكون المصلحة في تأخيره، وقول المشركين فقد قالوا فيه أشياء كذبًا وحسدًا فهذا في ذلك.
  وروي أنهم قالوا: لما تأخر الوحي شكا إلى خديجة، وقال: «ودعني ربي وقلاني» فنزلت السورة، وهذا لا يصح؛ لأنه ÷ أعلم بِاللَّهِ وثقة من أن يظن هذا الظن؛ لأنه خصه بالنبوة مع علمه، فلا يجوز أن يودعه ويقليه، ويعلم أن الوحي يتقدم ويتأخر، وما رووه أيضًا أنه قال لخديجة: «خشيت أن أكون كاهنًا» وهذا من دسيس الملحدة، حيث رووا أنه كان في شك من أمره ليشككوا الناس، فلا ينبغي أن يقبل ذلك.
  واختلفوا في سبب تأخير الوحي، فقيل: لتركه الاستثناء لما سئل عن حديث أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فقال: «سأخبركم غدًا» ولم يقل: إن شاء الله، عن جماعة.
  وقيل: سبب احتباسه كون جرو في بيته، فلما نزل جبريل سأله عن تأخيره فقال: «إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب أو صورة».
  وقيل: قال ليلة المعراج: «سخرت الحديد لداود، والنار لإبراهيم» فأنزل الله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} إلى آخر السورة.
  وروي عن ابن عباس، عن النبي، ÷ قال: «سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته، قلت: يا رب، كيف آتيت سليمان ملكا عظيمًا، وفلانًا كذا، وفلانًا كذا فأنزل الله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}، فقلت: بلى يا رب، فقال: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}، فقلت: بلى يا رب، فقال: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}، فقلت: بلى يا رب».
  وعن جندب بن سفيان: رُمي رسول الله ÷ بحجر في أصبعه فقال:
  «هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيَتِ ... وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيَتِ»