التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والضحى 1 والليل إذا سجى 2 ما ودعك ربك وما قلى 3 وللآخرة خير لك من الأولى 4 ولسوف يعطيك ربك فترضى 5 ألم يجدك يتيما فآوى 6 ووجدك ضالا فهدى 7 ووجدك عائلا فأغنى 8 فأما اليتيم فلا تقهر 9 وأما السائل فلا تنهر 10 وأما بنعمة ربك فحدث 11}

صفحة 7453 - الجزء 10

  فمكث ليلتين أو ثلاثًا لا يوحى إليه، فقالت أم جميل بنت حرب امرأة أبي لهب: ما أرى شيطانك إلا تركك، فأنزل الله تعالى: {وَالضُّحَى} السورة.

  واختلفوا في مدة التأخير، فقيل: اثنا عشر يومًا، عن ابن جريج.

  وقيل: خمسة عشر يومًا، عن ابن عباس.

  وقيل: خمسة وعشرين يومًا.

  وقيل: أربعون يومًا، عن مقاتل.

  وقيل: لما نزل جبريل قال له النبي ÷: «قد اشتقت إليك، فقال: وأنا أشد شوقًا إليك، ولكني عبدٌ مأمورٌ، وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ».

  والصحيح إن ثبت التأخير أن يقال: إنه تأخير للمصلحة، فأما ترك الاستثناء، وإن كان تأديبًا من الله تعالى وتعليمًا لعباده فلا يجوز أن تتأخر مصالح العباد لتركه للاستثناء.

  فأما ما ذكروا من سؤاله ليلة المعراج وبعده فغير صحيح؛ لأنه صلى الله عليه لا يسأل إلا بإذن، وإذا سأل بإذن لا بد أن يجاب؛ لأنه لو سأل بغير إذن، وهو لا يعرف المصالح فلعل ما سأل يكون مفسدة، فإذا لم يفعل يكون فيه نفرة، وهذا لا يجوز.

  وروي عن النبي ÷ أنه فال: «أُريتُ فُتُوحَ أمتي فَرَضِيتُ»، فنزل: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}.

  وعن عبد الله بن عمر: لما نزلت هذه الآية {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} قال ÷: «إذن لا أرضى، وواحد من أمتي في النار» وهذا من أخبار الآحاد، وقد قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى}⁣[الأنبياء: ٢٨] وقال: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}⁣[غافر: ١٨].