التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والضحى 1 والليل إذا سجى 2 ما ودعك ربك وما قلى 3 وللآخرة خير لك من الأولى 4 ولسوف يعطيك ربك فترضى 5 ألم يجدك يتيما فآوى 6 ووجدك ضالا فهدى 7 ووجدك عائلا فأغنى 8 فأما اليتيم فلا تقهر 9 وأما السائل فلا تنهر 10 وأما بنعمة ربك فحدث 11}

صفحة 7458 - الجزء 10

  عبد المطلب وأخبرته، فطاف بالبيت فدعا، فنودي بمكانه، فذهب عبد المطلب، وجاء به في حديث طويل، عن كعب.

  وقيل: خرج رسول الله ÷ مع أبي طالب إلى الشام في قافلة «مَيْسَرَةَ» غلام خديجة، فبينا هو راكب ذات ليلة ناقةً إذ جاء إبليس فأخذ بزمام الناقة، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة، ورده إلى القافلة، فمنَّ الله عليه بذلك، وهذا يحمل على أن بعض الكفار عدل به إن صح الخبر، وبعض المؤمنين رده.

  وقيل: وَجَدَكَ ضَالًّا ليلة المعراج لا تعرف الطريق حين انصرف جبريل، فهداك إلى ساق العرش.

  وقيل: إن العرب تسمي الشجرة الفريدة في فلاة ضالة، فيهتدون [بها] إلى الطريق، فقال سبحانه: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} وحيدًا ليس معك نبي غيرك، فهديت بك الخلق إلى الحق.

  وقيل: وجدك خاملاً لا تُذكَر ولا تُعْرَف، فعرَّفك إلى الناس، وهداهم بك حتى عرفوك، وعظموك، وأحسن ما قيل فيه ما قال أبو علي، وبدأنا به وما تعداه إما تعسف، وإما تخصيص بغير دليل.

  ومتى قيل: كيف قال: «وجدك» وإنما يستعمل فيمن يغيب عنه شيء؟

  قلنا: معناه: الرؤية أو العلم؛ أي: رآك كذلك أو عَلِمك كذلك، وقيل: معناه:

  كنت على هذه الصفة وإن لم يكن ثَمَّ وجدان، كمن يقول: وجدتك عالمًا أي: أنت عالم.

  ومتى قيل: أليس قد قال بعضهم: إنه كان على دين قومه فهداه إلى الحق، حتى روي عن السدي أنه قال: كان على أمر قومه أربعين عامًا؟

  قلنا: هذا من الخطأ العظيم؛ لأن الكفر لا يجوز على الأنبياء قبل البعثة وبعدها، ولأنه يؤدي إلى التنفير، ولا بد في النبي أن يكون معصومًا قبل البعثة وبعدها من كل كبيرة.