التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والضحى 1 والليل إذا سجى 2 ما ودعك ربك وما قلى 3 وللآخرة خير لك من الأولى 4 ولسوف يعطيك ربك فترضى 5 ألم يجدك يتيما فآوى 6 ووجدك ضالا فهدى 7 ووجدك عائلا فأغنى 8 فأما اليتيم فلا تقهر 9 وأما السائل فلا تنهر 10 وأما بنعمة ربك فحدث 11}

صفحة 7460 - الجزء 10

  عن أبي علي. وقيل: أراد بالسائل طالب العلم، وأمر بالإحسان إليهم، عن الحسن. وقيل: أما السائل عني فَدُلَّهُ عليّ ولا تنهره، [و] عن إبراهيم ابن أدهم: نعم القوم السُّؤَّال يحملون زاد أحدنا إلى الآخرة «وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ» قيل: نعمه عليك في الدين والدنيا، فاشكره وحدِّثْ به، وقيل: الإسلام، عن الأصم. وقيل: النبوة، عن مجاهد، وقيل: القرآن، عن الكلبي. أي: حدث بما فيه، وعن النبي ÷: «من أعطي خيرًا فلم يُرَ عليه سمي بغيض الله معاديًا لنعم الله»، وعنه ÷: «التحدثُ بنعمة الله شكر»، وقيل: حَدِّثْ غيرك تعظيمًا للمنعم وشكرًا له، وقيل: أراد به الشرائع والدين، كما علمك به فعلمْه الناس، وقيل: حَدِّثْ نفسك كل وقت فاشكره شكرا متجددًا كما تتواتر وتتجدد عليك النعم، وقيل: حَدّثْ غيرك لتحببني إليهم، وكان الحسين بن علي يقول: إذا علمت خيرًا فَحَدثْ به إخوانك، وذكر الأصم أن النبي ÷ كان يختم مجالسه فيقول: «كنت يتيمًا فآواني اللَّه، وكنت ضالاً فهداني الله، وكنت عائلاً فأغناني الله» وتأول الآية على ذلك في قوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}.

  ومتى قيل: هل يطلق أنه كان ضالًّا؟

  قلنا: لا، وإن ورد به القرآن؛ لأنه يوهم الضلال عن الدين.

  ومتى قيل: كيف يحسن الامتنان بالنعم من أكرم الأكرمين؟

  قلنا: إذا كان قصده أن ينقطع إليه في أمثاله حسن، وقيل: إنما تكون المنة مذمومة لما فيها من المشقة على النفس، وأما من الخالق فلا يشق على النفس، وقيل: إنما ذكر تنبيهًا على الشكر ليحصل له المزيد فيكون غاية الجود.