قوله تعالى: {والتين والزيتون 1 وطور سينين 2 وهذا البلد الأمين 3 لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم 4 ثم رددناه أسفل سافلين 5 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون 6 فما يكذبك بعد بالدين 7 أليس الله بأحكم الحاكمين 8}
  الصالحات فتكتب لهم في حال هرمهم مثل ما كانوا يعملون في حال شبابهم وصحتهم، وقيل: (إلا) بمعنى (لكن)، وهو الوجه، وقيل: إلا الَّذِينَ آمنوا فإنهم يبقون شبابًا أقوياء في الجنة، والباقون يبقون في حال السفال والضعف في النار.
  فأما على المعنى الثاني: فالاستثناء صحيح بمعنى إلا الَّذِينَ آمنوا وعملوا الصالحات فشكروا المنعم، وراعوا حق مولاهم، وعبدوه.
  «فَلَهُمْ أَجْرٌ» جزاء وهو الثواب «غَيْرُ مَمْنُونٍ» أي: غير مقطوع، عن أبي مسلم.
  وقيل: غير منقوص، وقيل: غير محسوب، عن مجاهد -. وقيل: غير مكدر مما يؤذي ويغم، وهو ما يمنُّ عليه فيه فينغصه بامتنانه، عن أبي علي. «فَمَا يُكذِّبُكَ» قيل: ما يكذبك أيها الرسول بعد هذه الحجج؟! عن مجاهد. أي: لا شيء يكذبك، وقيل: فمن يكذبك بعدها، عن قتادة. وقيل: ما يحمل الإنسان بعد هذه النعم وهذا البيان أن يكذب الله ورسوله في الدين الذي أتاهم به، عن أبي علي. «بِالدِّينِ» قيل: بالجزاء والحساب، عن الحسن، وعكرمة، وأبي مسلم. وقيل: الدين هو الإسلام، عن أبي علي. وقيل: الخطاب للمكذبين، وقيل: بل الخطاب للنبي ÷، والمراد أنه ليس بمكذب بالقيامة ولا شاك فيها «أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ» صنعًا وتدبرًا؛ إذ لا خلل فيه، ولا اضطراب، وهذا استفهام، والمراد أنه أحكم الحاكمين.
  ومتى قيل: كيف يتصل هذا بما قبله من ذكر الجزاء؟
  قيل: تنبيهًا على الإعادة؛ لأن الحكيم إذا كلف وخَلَّى بين الظالم والمظلوم، فلا بد من جزاء وانتصاف، فإذا لم يكن في الدنيا فلا بد من البعث، وإن لم يفعل ذلك لَمَا كان حكيمًا وهو أحكم الحاكمين، فلا بد من دار للجزاء، قال قتادة: وكان رسول الله صلى الله عليه إذا تلا هذه الآية قال: «بلى وأنا على ذلك من الشاهدين».
  · الأحكام: السورة تتضمن أحكامًا:
  منها: عظم حال المقسم به في القدرة والنعمة.