التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق 1 خلق الإنسان من علق 2 اقرأ وربك الأكرم 3 الذي علم بالقلم 4 علم الإنسان ما لم يعلم 5 كلا إن الإنسان ليطغى 6 أن رآه استغنى 7 إن إلى ربك الرجعى 8}

صفحة 7477 - الجزء 10

  وقيل: أول سورة نزلت (فاتحة الكتاب)، عن عمرو بن شرحبيل. وليس بشيء؛ لأن الإجماع على أن أول ما نزل {اقْرَأْ}.

  وذكر بعضهم أن جبريل قال له: «اقرأ، فقال: وما أقرأ، قال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ».

  وروي أنه لما نزلت هذه السورة جاء رسول الله ÷ إلى أُبيٍّ قال: «أمرني جبريل أن أقرأ عليك».

  · المعنى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} قيل: استفتح باسم الله قراءة القرآن، فأمره بالابتداء بذكره، ثم بالقراءة، عن أبي مسلم. وقيل: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ المنزل عليك، عن أبي علي. وقيل:

  اقرأ على اسم الله.

  ومتى قيل: لِمَ وجب، أن في تعظيم الاسم تعظيم المسمى؟

  قلنا: قيل: لأن الاسم ذكر الشيء بما يخصه فلا سبيل إلى تعظيمه إلا بمعناه، ولأن اسم الله تعالى يفيد مدح وتعظيم وتمجيد إجراء الألقاب عليه.

  «الَّذِي خَلَقَ» الأشياء مقدرًا تحت حكمته، وعلى ما أراد «[خَلَقَ الْإِنْسَانَ] مِنْ عَلَقٍ» وهو الدم الجامد الذي تستحيل النطفة إليه في الرحم، وإنما ذكر العلقة وإن كان له أحوال أخر؛ لأنه أدخل في الاستخفاف كأنه قيل: أصله بهذا الحد من المهانة، ثم بلغ منه مبلغ الكمال منبهًا على قدرته ونعمته وحثًّا على شكره وعبادته «اقْرَأْ».

  ومتى قيل: لم كرر «اقرأ» وبأي شيء أمر أن يقرأ؟

  قلنا: أما الأول: فقيل: أمر في الأولى بالقراءة لنفسه، وفي الثانية بالقراءة للتبليغ، فليس بتكرار، عن أبي علي. وقيل: كرر للتأكيد، عن أبي مسلم.

  وأما الثاني: فالمقروء هو القرآن، وقيل: في الأول اسمه، وفي الثاني القرآن.