قوله تعالى: {أرأيت الذي ينهى 9 عبدا إذا صلى 10 أرأيت إن كان على الهدى 11 أو أمر بالتقوى 12 أرأيت إن كذب وتولى 13 ألم يعلم بأن الله يرى 14 كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية 15 ناصية كاذبة خاطئة 16 فليدع ناديه 17 سندع الزبانية 18 كلا لا تطعه واسجد واقترب 19}
  يَنْهَى. عَبْدًا إِذَا صَلَّى» قيل: هو أبو جهل نهى النبي، ÷، وذكر النهي وأراد به التهديد والتقريع، وقيل: بل هو عام لمن كان بهذه الصفة، وقيل: هذا تعجيب مشوب بوعيد، عن أبي مسلم. يعني أرأيت من يمنع المؤمنين عن الصلاة ما يكون حاله، وما يستحق من العذاب، عن أبي علي. «أَرَأَيْتَ» يا محمد لو أن هذا المصلي كان على هدى وطريق الحق فعلاً واعتقادًا، وأن هذا الطاغي المانع من الصلاة، وعن الأمر بالتقوى كان مبطلاً، وظنه خطأ وتقليده فاسدًا أليس يكون مهلكًا نفسه؟! «أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى» قيل: على وجه التبليغ، يريد النبي ÷؛ لأن كونه على الهدى والدعاء إلى التقوى يليق به، وقيل: بل هو عام في كل مصلٍّ أمر بحق «أَرَأَيْتَ» يا محمد «إِنْ كَذَّبَ» الله ورسوله «وَتَوَلَّى» أعرض عن القبول ما يكون حاله في تكذيب المحق، والإعراض عن الحق، والمنع عن عبادة الله يوم القيامة في العداب، فأشار إلى وجوب الاحتياط واتباع الحق، فقال: «أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ» مبطلاً أليس قد أهلك نفسه «أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى» يرى ما يأتيه هذا المكذب، فيعلم أنه يؤاخذه به، أشار إلى أن علم الإنسان بأن الله يرى ما يفعله يمنعه من ارتكاب المعاصي «كَلَّا» ردع وزجر لهذا الناهي عن فعله، وقيل: معناه حقًا، أي: «لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ» أي: لم يمتنع عن هذا الفعل وهو الذي تقدم ذكره، وعن القول الذي قال: «لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ» قيل: لَنَجُرَّنَّهُ بناصيته إلى النار، عن أبي علي. وقيل: معناه: لَنُسَوِّدَنَّ وجهه، فكنى بالناصية عن الوجه لأنها في مقدمة الوجه، وقيل: لَنُعَلِّمَنَّهُ علامة أهل النار من تسويد الوجه، وزرق العين، وقيل: لنأخذن بالناصية إلى النار، كقوله: {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}[الرحمن: ٤١] وفي الأخذ بالناصية استخفاف عظيم وإهانة لهم، وقيل: لنذلنه ولنقيمنه مقام الأذلة، وقيل: لنضربنه، وقيل: هو تأثير النار في وجهه أي: لنحرقن وجهه بالنار، عن أبي مسلم.
  ثم وصف ناصية ذلك الكافر فقال: «نَاصِيَةٍ» وهي بدل من الناصية الأولى كأنه خاطبها، أي: ناصية من يكذب على الله ورسوله خاطئ في اعتقاده وأفعاله، ووصف الناصية بهذا توسعًا، والمراد به صاحب الناصية، كقولهم: نهار صائم، وليل قائم،