التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر 1 وما أدراك ما ليلة القدر 2 ليلة القدر خير من ألف شهر 3 تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر 4 سلام هي حتى مطلع الفجر 5}

صفحة 7487 - الجزء 10

  و {تَنَزَّلُ} أصله «تَتَنَزَّلُ» اجتمعت تاءان، فحذفت إحداهما تخفيفًا.

  · النزول: قيل: رأى رسول اللَّه، ÷ أعمار الأمم، وأن عمر أمته لا يبلغ أعمارهم، فتمنى لأمته مثل ذلك ليعبدوا الله تعالى، فنزل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} السورة.

  · المعنى: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ» يعني القرآن «فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» فيه ثلاثة أقوال:

  أولها: أنزلنا القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل على رسول الله ÷ نجومًا، عن ابن عباس.

  وقيل: كان يُنْزِلُ في كل سنة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا ما يريد إنزاله في تلك السنة على نبيه متفرقًا، ثم كذلك في سنة سنة، عن أبي علي.

  وقيل: إنا أنزلنا ما يدين عليه العباد في ليلة القدر بمعنى بَيَّنَّا وآتينا، حكاه القاضي.

  وثانيها: ابتدأنا إنزاله في ليلة القدر، عن الشعبي. وكان المبعث في رمضان.

  وثالثها: أنزلنا القرآن في فضل ليلة القدر، والأول أولى؛ لأن أكثر المفسرين عليه، وتواتر النقل بأنه ø أنزل القرآن ليلة القدر إلى سماء الدنيا.

  «وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيلَةُ الْقَدْرِ» تفخيمًا لشأنها، وتعظيمًا لفضلها، والكلام فيه يقع من وجوه:

  أولها: لم سميت ليلة القدر؟ وقيل: هي ليلة الحكم، وتقدير الأشياء في تلك السنة من كل أمر، عن الحسن، ومجاهد. من قولهم: قَدَرَ الله الشيء قدرًا، وَقدَّرَهُ