قوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة القدر 1 وما أدراك ما ليلة القدر 2 ليلة القدر خير من ألف شهر 3 تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر 4 سلام هي حتى مطلع الفجر 5}
  تقديرًا بمعنى: قالوا: وهي الليلة المباركة فيها يفرق كل أمر حكيم، وسميت مباركة لأنه تعالى يُنزل فيها الخير والبركة والسعادة، وروي عن ابن عباس أنه تعالى يقضي القضايا في ليلة النصف من شعبان، ثم يسلمها إلى أربابها في ليلة القدر، فعلى هذا عنده ليلة القدر غير ليلة براءة.
  وقيل: ليلة القدر ليلة الشرف والخطر وعظم الشأن من قولهم: رجل له قدر عند الناس، أي: منزلة وشرف، ومنه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الزمر: ٦٧] أي: ما عظموه حق عظمته عن الزهري.
  وقيل: لأن من لم يكن ذا قدر، إذا أحياها صار ذا قدر، عن أبي بكر الوراق.
  وقيل: لأن عمل المؤمنين فيها يكون ذا قدر، ككونه مقبولاً مضاعفًا في الأجر.
  وقيل: لأنه أنزل فيها كتاب ذو قدر، إلى رسول ذي قدر، لأجل أمة ذات قدر، عَلَى يَدَيْ مَلَكٍ ذي قدر.
  وقيل: لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة عند نزولهم من السماء من قوله: {وَمَنْ قُدِرَ عَليهِ رِزْقُهُ}[الطلاق: ٧] عن الخليل.
  وثانيها: أي وقت هي؟
  فقيل: كانت على عهد رسول الله ÷، ثم رفعت، ولأن الفضل كان لنزول القرآن فيها وقد انقطع.
  وقيل: بل هو ثابت بعده وهو قول جمهور العلماء، ثم اختلفوا على قولين، وروي عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول اللَّه، ليلة القدر تكون على عهد الأنبياء؟ قال: «لا، بل هي إلى يوم القيامة».
  وقال بعضهم: هي في السنة كلها، عن ابن مسعود، وروي نحوه عن أبي حنيفة.
  وقيل: بل هي في شهر رمضان، وعليه الأكثر، والمروي عن النبي ÷، وهو قول ابن عمر، والحسن، وجماعة العلماء.
  ثم اختلف هَؤُلَاءِ في أي ليلة هي على ثلاثة أقوال: فقيل: أول ليلة، عن