قوله تعالى: {إذا زلزلت الأرض زلزالها 1 وأخرجت الأرض أثقالها 2 وقال الإنسان ما لها 3 يومئذ تحدث أخبارها 4 بأن ربك أوحى لها 5 يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم 6 فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره 7 ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره 8}
  إحسان أو إساءة، وقيل: إذا رأوا ذلك في صحفهم اعترفوا بصحته ولم يمكنهم جحده؛ لأنه تعالى أحصاها، عن أبي علي. قال ابن عباس: ليس مؤمن ولا كافر إلا أراه الله عمله، فأما المؤمن فيريه حسناته وسيئاته فيغفر له سيئاته، ويثيبه على حسناته، وأما الكافر فتحبط حسناته، ويعذبه بسيئاته «فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ» قيل: النملة الصغيرة، عن ابن عباس. قال ثعلب: مائةُ نملةٍ زِنَةُ حَبَّةٍ، وقيل: زنة ذرة، عن أبي عبيدة، قال يزيد بن هارون: يزعموا أنه ليس للذرة وزن. «خَيرًا يَرَهُ» أي: يجد جزاء ما عمل من الخير، وإن قَلَّ.
  «وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ شَرَّا يَرَهُ» اختلفوا في معنى هذه الآية، فأما شيخنا أبو علي | فيحمله على الرؤية، لا على الجزاء؛ لأن المحبط والمكفر لا يجازى عليه، فيقول: يرى جميع أفعاله خيره وشره فيقف عليها ويعلمها، فأما المؤمن والتائب فيرى السيئات مكفَّرة، ويثاب على الحسنات من غير بخس، وأما الكافر فيرى حسناته محبطة، وذنوبه يعاقب عليهما أجمع، بناء على مذهبه في الإحباط والتكفير.
  فأما عند مشايخنا: يجازى على جميع أفعاله لا يضيع شيء، فإن كان مُؤْمِنًا يجازى على حسناته، وما كان من سيئاته فيحبط بقدره من ثوابه، وإن كان كافرًا يعاقب على ذنوبه، وما كان حسنة حط عنه من عقابه بقدره، فقد وجد جزاء جميع أعماله، وهذه هي الموازنة التي ذهب إليها شيخنا أبو هاشم وأصحابه، وعليه يدل الظاهر. وقيل: يجازى على قليله وكثيره، عن أبي مسلم. وهذا على التفصيل الذي ذكرنا.
  وقيل: من يعمل مثقال ذرة من خير، وهو كافر أتاه الله ثوابه في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا، وليس له عند الله خير، ومن يعمل مثقال ذرة من شر، وهو مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا، وليس له عند الله شيء، وعن بعضهم أنه سمع هذه السورة فقال: حسبي، [قد] انتهت الموعظة.