التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والعاديات ضبحا 1 فالموريات قدحا 2 فالمغيرات صبحا 3 فأثرن به نقعا 4 فوسطن به جمعا 5 إن الإنسان لربه لكنود 6 وإنه على ذلك لشهيد 7 وإنه لحب الخير لشديد 8 أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور 9 وحصل ما في الصدور 10 إن ربهم بهم يومئذ لخبير 11}

صفحة 7514 - الجزء 10

  نزلت في حرب بدر، وقد رووا بين علي وابن عباس في ذلك خلافًا، وأن رجلاً سأل ابن عباس عن العاديات فقال: الخيل، فأخبر عليًّا بذلك فدعا ابنَ عباس، فقال: تفتي الناس بما لا علم لك به، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فَرسان: فرس للزبير، وفرس للمقداد، إنما هي إبل الحاج، قال ابن عباس: فرجعت إلى قول علي، وهذا يدل أن عندهما السورة مدنية، وأنها نزلت في حرب بدر، وقال أبو مسلم: ومن العجب أن يقع بين علي وابن عباس اختلاف في اللغة أو في نزول السورة [وقد] شهداه.

  · المعنى: «وَالْعَادِيَاتِ» أقسم بها، وقيل: برب العاديات، وقيل: العاديات: خيل الغزاة، وقيل: الخيل تعدو في سبيل اللَّه، عن ابن عباس، وعطاء، ومجاهد، وعكرمة، والحسن، والكلبي، وأبي العالية، والربيع، وعطية، وقتادة، ومقاتل، وابن كيسان، وأبي علي. وقيل: الإبل تعدو، عن علي، وابن مسعود، وعبيد بن عمير، ومحمد ين. كعب، والسدي. ثم اختلفوا، فقال بعضهم: هو الغزاة تعدو في سبيل الله، وهو المروي عن علي. وقال بعضهم: إبل الحاج تعدو من عرفة إلى مزدلفة، ومن مزدلفة إلى منى، قال أبو مسلم: والتأويلان مُطَّرَحَانِ، والخيل أشبه بظاهر التلاوة، قال ابن عباس: وليس بشيء من الدواب تضبح غير الفرس، ولأنه قال عقيبه: «فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا» فذلك إنما يصح في الحافر «ضَبْحًا» قيل: هو صوت ليس بصهيل، ولا حمحمة، وقيل: صوت الخيل في شدة العدو، وقيل: «ضبحًا» أي ضبعًا تمد أعناقها في السير، وهذا مذهب من يقول: إنها الإبل، وقيل: الضبح من الخيل الحمحمة «فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا» يعني الخيل المنعلة تخرج من سنابكها النار، وقيل: هي الخيل توري النار بحوافرها، إذا سارت في الحجارة، عن الضحاك، وعطاء. وقيل: هم الَّذِينَ يورون النار بعد انصرافهم من الحرب، عن ابن عباس. وقيل: أفكار الرجال، عن مجاهد، وابن زيد. وقيل: هي الخيل تهيج الحرب، ونار العداوة بين أصحابها وفرسانها، عن قتادة. وقيل: [مكر رجال الحرب]، عن سعيد بن جبير. وقيل: هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما يتكلم به، عن عكرمة. «فَمالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا» أي: