قوله تعالى: {والعاديات ضبحا 1 فالموريات قدحا 2 فالمغيرات صبحا 3 فأثرن به نقعا 4 فوسطن به جمعا 5 إن الإنسان لربه لكنود 6 وإنه على ذلك لشهيد 7 وإنه لحب الخير لشديد 8 أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور 9 وحصل ما في الصدور 10 إن ربهم بهم يومئذ لخبير 11}
  الخيل بفرسانها في سبيل الله يغيرون على العدو وقت الصبح، عن ابن عباس. وقيل: هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر، من جَمْعٍ إلى منى، والسنة ألَّا تدفع حتى تصبح، والإغارة: سرعة السير، عن محمد بن كعب القرظي. وإنما أقسم بالمغيرات لعظم شأنها، وتفخيم أمرها حيث صبح أعداء الله بالجهاد، وإنما قال: «صُبْحًا» قيل: لأنهم كانوا يسيرون إلى العدو ليلاً ويأتونهم صبحًا، وقيل: أشار إلى قطع المسافة البعيدة في سرعة، عن أبي مسلم. وقيل: إنه لِعِزِّهم أغاروا نهارًا، ونسب الغارة إلى الخيل، وأراد فرسانها، وهم الرجال «فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا» أي: هيجن به الغبار بالحوافر من الأرض، والنقع الغبار، عن قتادة، وجماعة من المفسرين، و «بِهِ» قيل: كناية عن المكان أو الوادي، كناية عن غير مذكور، وقيل: «بِهِ» كناية عن الصبح؛ أي: في ذلك الوقت أثار الغبار، عن أبي مسلم. «فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا» أي: يحللن في وسطهم، والجمع جمع العدو، عن قتادة. وقيل: جمع الفريقين، عن مجاهد. وقيل: أراد جمع المزدلفة ومنى، و «بِهِ» كناية عن المكان أو الصبح «إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ» هذا موضع القسم «لَكَنُودٌ» قيل: لكفور، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد، والربيع، وأبي علي، وأبي مسلم. أي: جحود لنعم الله تعالى، وقيل: هو اللوام لربه، يقول: ربي أهانني ولم يكرمني وفعل وفعل، عن الحسن، وابن سيرين. قال الحسن: الكنود الذي ينسى النعم، ويَعُدُّ المصائب، وقال الكلبي: هو بلسان كندة وحضرموت: العاصي، وبلسان مضر وربيعة وقضاعة: الكفور، وبلسان بني مالك: البخيل، وقيل: «هو الذي يأكل وحده، ويمنع رِفْدَه، ويضرب عبده» روى ذلك أبو أمامة عن النبي ÷، قال القاضي: معناه: لا ينفق مما رزق بخلاً ولا يضعه في حقه، فيكون كالكافر للنعمة، وقيل: هو قليل الخير، والأرض الكنود التي لا تنبت شيئًا، عن أبي عبيدة. وقيل: هو الذي ينفق نعم الله على معاصيه «وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ» قيل: الله شاهد عليه بأنه كنود، عن قتادة، وأكثر المفسرين. والهاء كناية عن اسم الله تعالى، وقيل: الهاء راجعة على الإنسان؛ أي: هو شاهد على نفسه بما