قوله تعالى: {والعاديات ضبحا 1 فالموريات قدحا 2 فالمغيرات صبحا 3 فأثرن به نقعا 4 فوسطن به جمعا 5 إن الإنسان لربه لكنود 6 وإنه على ذلك لشهيد 7 وإنه لحب الخير لشديد 8 أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور 9 وحصل ما في الصدور 10 إن ربهم بهم يومئذ لخبير 11}
  يصنع، عن ابن كيسان، والحسن. وقيل: يشهد بعضهم على بعض، وقيل: الإنسان بما يظهر من أفعاله من الكفر، وقلة الشكر كالشاهد على نفسه بأنه كنود، عن أبي مسلم. وقيل: أفعاله شاهدة على ما في قلبه من الرضا والسخط، وقيل: يشهد على نفسه، وتنطق جوارحه عليه بذنوبه يوم القيامة «وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ» الخير المال، وتقديره: لشديد الحب للخير، عن أبي علي على ما قال ابن زيد: سمي المال خيرًا وربما يكون خبيثًا حرامًا؛ لأن الناس يسمونه خيرًا. وقيل: إنه من أجل حب المال لشديد بخيل شحيح، ويقال للبخيل: شديد وشحيح، عن أبي مسلم. وقيل: إنه لشديد الحب للخير والمال، فهو يظلم الناس في تحصيله، ويمنع الحق، وقيل: لأجل حب المال شديد النفس قاسي القلب لفرط الحرص، يتناوله من غير حله، ويمنع الواجب من أهله كعادة الظلمة، وقيل: لحب الدنيا لا يقر بالآخرة، قال الفراء: وكان موضع الحُبِّ بَعْدُ شديد وأن يضاف شديد إليه فيقال: وإنه لشديد حبه للخير، فلما تقدم الحب، وذكر قيل: «شديد»، وحذف عن آخره الهاء لما جرى ذكره في أوله ولرؤوس الآي. «أَفَلَا يَعْلَمُ» يعني الإنسان «إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ» أي: أخرج ما فيها من الأموات «وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ» أي: جمع وأبرز ما فيها من خير أو شر، وقيل: أظهر ما فيها حتى صار ظاهرًا، وإن كان مُخْفِيهِ، وإنما ظهر بأن جازاه الله عليها، وأفعال القلوب وإن كانت مستورة فبالجزاء عليها تظهر «إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ» العالم بهم يجازيهم بأكمالهم، قيل: «إِنَّ رَبَّهُمْ» جواب: {أَفَلَا يَعْلَمُ}، ولو لم يدخل اللام في الجواب لكان (إن) مفتوحة، وقيل: يجوز أن يكون جواب «أفلا» محذوفًا، و (إِنَّ رَبَّهُمْ) ابتداء كلام، عن أبي مسلم.
  · الأحكام: يدل القسم بهذه الأشياء على تفخيم حال الغزاة، وتأكيد خال القسم به، وهو كون الإنسان كنودًا، والإنسان وإن كان عامًّا فالمراد به الخصوص.