التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {القارعة 1 ما القارعة 2 وما أدراك ما القارعة 3 يوم يكون الناس كالفراش المبثوث 4 وتكون الجبال كالعهن المنفوش 5 فأما من ثقلت موازينه 6 فهو في عيشة راضية 7 وأما من خفت موازينه 8 فأمه هاوية 9 وما أدراك ما هيه 10 نار حامية 11}

صفحة 7521 - الجزء 10

  {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}⁣[النجم: ٥٣]، ومنه: هوى سقط، وهوى هلك، وهَوَيْتُ أَهْوِي: سقطتُ من علو إلى سفل، وسميت جهنم هاوية؛ لأنها تهوي بأهلها من أعلاها إلى أسفلها؛ أي: سقط فيها، يقال: هوَى يَهوِي هَوِيًّا: إذا هبط، وهُوِيًّا إذا صعد.

  · الإعراب: {الْقَارِعَةُ} قيل: الهاء للمبالغة كقولهم: علّامة ونسَّابة، وقيل: لأنها عبارة عن الساعة، والهاء في قوله: {هَاوِيَةٌ} هاء التأنيث، والهاء في {مَا هِيَهْ} هاء الاستراحة.

  · المعنى: «الْقَارِعَةُ. مَا الْقَارِعَةُ» قيل: في الكلام حذف، وتقديره: ستأتيكم القارعة فاحذروها، وقيل: القارعة والواقعة والحاقة: القيامة، عن وكيع. وقيل: أراد نفخة الصور، يقال: ما قرع سمعي مثل كلامك، وقيل: القاوعة أهوال القبامة لأنها تقرع القلوب «مَا الْقَارِعَةُ» يعني أي شيء هي «وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ» تفخيم لشأنها «يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ» قيل: كالجراد الذي ينفرش ويركب بعضه بعضًا، عن الفراء. وقيل: طير ينفرش، ليس بذباب، ولا بعوض، عن أبي عبيد. وقيل: هي الطائر الذي يتساقط في النار والسراج، عن قتادة. «الْمَبْثُوثِ» المتفرق، يعني إذا خرجوا من قبورهم انتشروا متحيرين لما نالهم من الأهوال، والتشبيه بالجراد قيل: لضعفهم، وقيل: لتفرقهم، وقيل: لكثرتهم «وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ» كالصوف المصبوغ المندوف؛ لأنها تزول عن أماكنها، وتصير لا شيء «فأمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ» في الميزان قولان:

  قيل: هو على جهة المثل، أي: قبلت حسناته، وكثرت، عن مجاهد. وقيل: هو العدل، عن أبي مسلم.