قوله تعالى: {القارعة 1 ما القارعة 2 وما أدراك ما القارعة 3 يوم يكون الناس كالفراش المبثوث 4 وتكون الجبال كالعهن المنفوش 5 فأما من ثقلت موازينه 6 فهو في عيشة راضية 7 وأما من خفت موازينه 8 فأمه هاوية 9 وما أدراك ما هيه 10 نار حامية 11}
  وقيل: ميزان له كفتان كموازين الدنيا، عن الحسن وأكثر أهل العلم.
  واختلف هَؤُلَاءِ ما الذي يوزن؟ قيل: الصحف، وقيل: يظهر نور وظلمة علامة للخير والشر، وقيل: يوزن الأشخاص، فأما وزن الأعمال فمحال؛ لأنها انقضت، ولأنها أعراض.
  «فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ» أي: مرضية في الجنة، «وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ» بالخيرات «فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ» قيل: أمه جهنم؛ لأنَّهُ يأوي إليها، كما يأوي الولد إلى أمه؛ لأن العرب إذا نذرت بشدة ذكرت الأم من حيث لا أحد أشفق عليها منها، وقيل: يهوي على أم رأسه في النار، عن أبى صالح، وقتادة. وقيل: هي كلمة تقولها العرب عند شدة المصيبة، فيقال: وَيْلَ أمِّهِ، وهوت أمُّهُ، معناه: سقطت، عن أبي مسلم. وقيل: النار أولى به من أمه، وقيل: الأمُّ: القصد، أمَّ يؤمُّ أمًّا، معناه: قَصَد هاوية؛ لأنه لا طريق له إلا النار، وقيل: مُسْتَقَرُّهُ هاويةٌ، عن الأخفش. «وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ» يعني ما الهاوية؟
  تعظيمًا لها وما فيها من العذاب، وقيل: الضمير يعود إلى القارعة، أي: أي شيء فيها، ثم فسَّر، فقال: «نَارٌ حَامِيَةٌ»، عن أبي مسلم. «نَارٌ حَامِيَةٌ» شديدة الحر.
  · الأحكام: السورة تتضمن أحكامًا:
  منها: تخبر الناس وتعرفهم بشدة الأهوال.
  ومنها: ما تصير الجبال إليه حتى تزول تلك الصلابة.
  ومنها: إثبات الميزان لأجل الظاهر، ولا مانع منه.
  ومنها: صحة الموازنة على ما يقوله أبو هاشم.
  ومنها: ما يجري في القيامة من العدل والجزاء، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة، ولو كانت الأعمال خلقًا له لم يكن لوزنه على العباد فائدة، وذِكْرُ ذلك ترغيبٌ وترهيبٌ.