التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألهاكم التكاثر 1 حتى زرتم المقابر 2 كلا سوف تعلمون 3 ثم كلا سوف تعلمون 4 كلا لو تعلمون علم اليقين 5 لترون الجحيم 6 ثم لترونها عين اليقين 7 ثم لتسألن يومئذ عن النعيم 8}

صفحة 7524 - الجزء 10

  · اللغة: الإلهاء: الصرف إلى اللهو والاشتغال عن الجد، واللهو: الانصراف إلى ما يدعو إلى الهوى، فهو يَلْهُو لَهْوًا، ولَهِيَ عن الشيء يَلْهَى، وألهاه يُلْهِيهِ إلهاءً، وحقيقة قوله: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} أي: لهيتم بالتكاثر، فأضاف الفعل إلى التكاثر اتساعًا؛ لأن ذلك سببه، والداعي إليه، ومنه: {لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ}⁣[المنافقون: ٩].

  والتكاثر: التفاخر بكثرة المناقب، تكاثر القوم تكاثرًا، وهو تفاعل من الكثرة، وهذا البناء ينصرف إلي ثلاثة معانٍ:

  أحدها: وقوع الفعل بين اثنين كالمقاتلة والمضاربة، يقال: تقاتلنا، وتعاملنا، وتناظرنا.

  وثانيها: تكلف الفعل على كُرْهٍ، كقولهم: تغافلت عن الأمر، وتعاميت، والمعنى: تكلفت ذلك.

  وثالثها: حصول الفعل، تقول: تباعدتْ بمعنى بَعُدَتْ، وتفاقم الأمر، وتعالى الله، وتعاليت، والمراد به العلو.

  زاره يزوره زيارة، والزيارة: إتيان الموضع كإتيان الماء، والمألوف على غير إقامة، ومنه: زوّر تزويزًا: إذا شبه الخط بما يوهم أنه خط فلان، وليس به.

  وعلم اليقين: علم تسكن النفس إليه بعد اضطراب؛ ولذا لا يجوز اليقين في صفة الله تعالى.

  · الإعراب: {عِلْمَ الْيَقِينِ} نصب على المصدر، أي: علمًا يقينًا، وقيل: أراد القَسَم، أي: وعلم اليقين، فحذف الواو ونصب، والأول أولى.