قوله تعالى: {ألهاكم التكاثر 1 حتى زرتم المقابر 2 كلا سوف تعلمون 3 ثم كلا سوف تعلمون 4 كلا لو تعلمون علم اليقين 5 لترون الجحيم 6 ثم لترونها عين اليقين 7 ثم لتسألن يومئذ عن النعيم 8}
  ويقال: أين جواب (لَوْ)؟
  قلنا: فيه قولان:
  أولهما: أنه محذوف، وتقديره: لو علمتم علم اليقين ما تصيرون إليه في المعاد لمنعكم ذلك ما أنتم فيه من طلب الدنيا، ولَشَغَلَكُمْ عن التفاخر بالكثرة، عن مقاتل.
  وثانيها: أن جوابه فيما بعده، أي: لو علمتم يقينًا أنكم ترون الجحيم، وأنكم تصيرون إليها لمنعكم ذلك من التكاثر، عن أبي علي.
  وقيل: لو علمتم علم اليقين لرأيتم الجحيم بقلوبكم، ثم لرأيتموها بأعينكم.
  · النزول: قيل: نزلت في اليهود قالوا: نحن أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالاً، عن قتادة.
  وقيل: نزلت في فخذ من الأنصار، عن بريدة.
  وقيل: نزلت في حيين من قريش: بني عبد مناف بن قصي، وبني سهم بن عمرو، تفاخروا حتى ذكروا الأشراف والسادة وأنهم أكثر، فكثرهم بنو عبد مناف، ثم قالوا: نعد موتانا، فجاؤوا إلى القبور، فعدوها، وقالوا: هذا قبر فلان، فكثروهم بنو سهم؛ لأنهم كاثوا أكثر عددًا في الجاهلية، ففيهم نزلت السورة.
  · المعنى: «أَلْهَاكُمُ» أي: شغلكم «التَّكَاثُرُ» في الدنيا والحرص على جمعها عما أمركم به ربكم من الطاعات، والتكاثر: التباهي بكثرة المال والعدد، عن أكثر المفسرين. وقيل: ألهاكم كثرتكم، ووفور عددكم، وإعجابكم بأنفسكم عن تدبر أمر الله تعالى، ذكر الوجهين أبو مسلم. «حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ» قيل: حتى متم وصرتم من أهل المقابر، وهي القبور، عن الحسن، وقتادة، وأبي علي، وأبي مسلم. قال أبو علي: