التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون 229}

صفحة 916 - الجزء 1

  الطلاق الذي يوجب البينونة مما لا يوجب، عن قتادة، قال الزجاج: وفيه محذوف، كأنه قال: الطلاق الذي يملك فيه الرجعة مرتان، وقيل: معناه عن تفصيل طلاق السنة، عن ابن عباس ومجاهد، ولفظه الخبر، ومعناه الأمر أي طلقوا مرتين يعني دفعتين «فَإمْسَاك بِمَعْرُوفٍ» أي فعليه إمساك بمعروف إذا راجعها بعد الثانية «أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ» قيل: بالتطليقة الثالثة، وروي أن النبي ÷ سئل لما نزل قوله: «الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ» فأين الثالثة؟. فقال: «تسريحٌ بإحسان»، وقيل: هو ترك المراجعة حتى تبين بانقضاء العدة، عن الضحاك والسدي «وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ» خطاب للأزواج أن يأخذوا في حال الطلاق والاستبدال «أَنْ تَأخُذُوا مِمَّا آتَيتُمُوهُنَّ شَيئًا» أي مما أعطيتموهن من المهر وغيره «إِلَّا أَنْ يَخَافَا» أي يظنان، وعلى قراءة حمزة يعلم من حالها «أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ» أوامره ونواهيه، وهي نشوز المرأة بغضًا للزوج، عن ابن عباس وعروة والضحاك. وقيل: نشوزها ونشوزه، عن الشعبي. وقيل: الحدود التي بالخوف من تضييعها تحل الفدية التي تجب لكل واحد من الزوجين على صاحبه من جميل الصحبة وحسن العشرة، وقيل: ما أمر به كل واحد من طاعة المرأة لزوجها، وقيام الزوج عليها، «فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا» أي لا حرج ولا إثم، وهذا يفيد الإباحة، وفي الإضافة إليهما قولان: قيل: أراد به الزوج أنه يحل أخذ الفدية، فذكر المرأة أيضًا لاقترانهما، كقوله تعالى: {نَسِيَا حُوتَهُمَا}، وكقوله تعالى: {يخرجُ مِنهُمَا اللؤْلُؤُ} عن الفراء، وقيل: لو خص الزوج لأوهم أنها عاصية وإن كان له الفدية جائزة، ففي الإذن لهما في ذلك لزوال الإيهام، عن علي بن عيسى. «فِيمَا افْتَدَتْ بهِ» أي بذلت من المال قيل: المهر فقط، عن علي # والحسن وعطاء والربيع والزهري وأبي حذيفة والشعبي. وقيل: المهر وما زاد، عن ابن عباس وابن عمر وإبراهيم ومجاهد. «تِلْكَ حُدُودُ اللَّه» أوامره ونواهيه، وما نصب من الآيات في النكاح والطلاق والرجعة والعدة، وقيل: في الخلع والطلاق والعدة «فَلاَ تَعْتَدُوهَا» فلا