التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون 229}

صفحة 917 - الجزء 1

  تجاوزوها بالمخالفة «وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّه» أي يتجاوز بأن يخالف ما حد له «فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» وهو اسم يشتمل على الوعيد فذكر ذلك ليعلم أن التعبد دخل في هذه الأشياء.

  · الأحكام: الآية تدل على أن تفريق الطلاق سنة، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه خلاف ما يقوله الشافعي: لا سنة ولا بدعة في الجمع والتفريق؛ لأنه إما أن يكون أمرًا أو خبرًا، وأيهما كان ففيه بيان أن الطلاق ينبغي أن يكون في دفعتين.

  وتدل على أن الرجعة مقصورة على العدة من التطليقتين دون الثلاث.

  وتدل على إباحة الخلع عند الخوف، ولأن الفدية لا تكون إلا في الخوف، فصارت الآية أصلاً في الخلع، وصفته وجوازه وشرطه، واختلفوا فقيل: يحل الخلع عند نشوز المرأة، وقيل: عند نشوزهما، وهو أليق بالظاهر.

  وتدل على كراهية الخلع مع سلامة الحال.

  وقيل: الخلع ثلاثة:

  الأول: أن يضارها كارها لدمامتها، أو لسنها لتفتدي، فهذا لا يحل له، لقوله {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ}.

  والثاني: أن يراها على فاحشة فيضارها لتفتدي، فهذا يحل؛ لقوله: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}.

  والثالث: أن يخافا ألا يقيما حدود اللَّه لسوء خلق، أو قلة نفقة، فيجوز الفدية لهما جميعا لهذه الآية.

  وأجمع الفقهاء ألا نسخ في هذه الآية، عن ابن عباس والحسن وغيرهما. وعن بكر بن عبد اللَّه أنها منسوخة بقوله: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ} وليس بصحيح.