قوله تعالى: {ويل لكل همزة لمزة 1 الذي جمع مالا وعدده 2 يحسب أن ماله أخلده 3 كلا لينبذن في الحطمة 4 وما أدراك ما الحطمة 5 نار الله الموقدة 6 التي تطلع على الأفئدة 7 إنها عليهم مؤصدة 8 في عمد ممددة 9}
  أبي علي. وقيل: عدَّدَه: [كَثَّرَهُ]، وقيل: أعده حالاً بعد حال، ذكر الوجهين أبو مسلم.
  وقيل: أعده: جعله عتادًا له، عن مقاتل. وقيل: أحصاه؛ أي: ما زال يعد شيئًا ويضعه حتى كثر من العدد «يَحْسَبُ» يظن «أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ» قيل: يبقيه، فلا يموت، ولا يفنى، وقيل: يحسب أن ماله أخلده حتى يغنيه، عن الحسن. وقيل: يعمل عمل من يحسب أن ماله أخلده، عن أبي علي. وقيل: يحسب أن لا بعث، وأنه مخلد في الدنيا، فهو توسع في أن لا بعث «كَلَّا» أي: ليس الأمر كما ظن، فلا تحسبوا ذلك، فإنه يموت، ويفنى ماله، عن أبي علي. وقيل: ليس كذلك؛ بل كذبوا في ذلك، وقيل: لا تغتابوا، ولا تعيبوا، وقيل: معناه حقًّا.
  ومتى قيل: لِمَ قال: «أَخْلَدَهُ» بلفظ الماضي؟
  قلنا: أراد به المستقبل، وعبر بالماضي، ومثله جائز.
  «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ» أي: ليُطْرَحَنَّ في جهنم بعد الموت، وإنما ترميهم الملائكة خزنةُ جهنم {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ} يعني لا يمكنك معرفة عظمها لشدتها، وسميت جهنم حطمة؛ لأنها تحطم كل شيء أي: تكسره «نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ» أي: المؤججة، وقيل: هي نار توقد منذ خلق الله السماوات والأرض، فإن صح ذلك على بعده فهي لطف للملائكة، والخبر عنه لطف لنا «الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ» قيل: يبلغ ألمها القلوب، والاطلاع والبلوغ بمعنى، وقيل: تحرق أبدانهم حتى تصل إلى أجوافهم، وتطلع على أفئدتهم، عن أبي علي. وقيل: تحرق الأبدان والعظام والقلوب، عن أبي مسلم. وقيل: لشدتها تَنْفُذُ [في] كل شيء حتى تصل إلى القلب، وقيل: تخرج من الباطن إلى الظاهر بخلاف نيران الدنيا، وإنما خص القلب بالذكر؛ لأن أشد الآلام ما يخلص إلى القلب، وإذا خلص الألم إلى القلب يموت صاحبه، والمصائب والغموم تصله، ولا شيء يحس بالألم كالقلب «إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ» أي: مطبقة مغلقة، وقيل: تطبق، وتغلق أبوابها ليبقوا فيها آيسين من الخروج، عن أبي علي.