التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل 1 ألم يجعل كيدهم في تضليل 2 وأرسل عليهم طيرا أبابيل 3 ترميهم بحجارة من سجيل 4 فجعلهم كعصف مأكول 5}

صفحة 7542 - الجزء 10

  منه، وبنى كنيسة عجيبة، وأمر الناس بحجه، وجاء رجل من خثعمة، ولطخ البيت بالنجاسة، وبلغ ذلك أبرهة، فغضب، وقال: فعلته العرب لأجل بيتهم، وحلف لَيَهْدِمَنَّ الكعبة، عن الواقدي.

  واختلفوا، فقيل: هو أبو مكسوم أبرهة، وقيل: أبو مكسوم بعض ندمائه، عن مقاتل. وقيل: أبرهة جد النجاشي الذي كان على عهد رسول الله ÷، عن الواقدي. وصار أبرهة بجنوده، ومعه الفيل.

  واختلفوا في وقته، فقيل: كان قبل مولد النبي ÷ بأربعين سنة، عن مقاتل. وقيل: من قبل مولده بثلاث وعشرين سنة، عن الكلبي، وعبيد بن عمير. وقيل: كان في السنة التي كان فيها مولد رسول الله ÷، [وعليه] أكثر أهل العلم. وعن عائشة: رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان.

  قال الواقدي: كان بين هلاك الفيل وبين مولد النبي ÷ خمسين يومًا، وكانت قريش تؤرخ بعام الفيل، فلما خرج أبرهة خرج معه أبو رغال، رجل من ثقيف، فمات في الطريق وهو الذي يرجم قبره، ولما قرب من الحرم بعث رجلاً يسمى الأسود، فجمع إليه أموال الحرم وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير، ثم بعث إلى أهل مكة بأني ما جئت للقتال، لكن لهدم هذا البيت والانصراف، فقالوا: ما عندنا قتال، وما لنا به يد، إنا سنخلي بينه وبين البيت، فله رب يحفظه، وجاء عبد المطلب حتى دخل على أبرهة، وهو شيخ جسيم وسيم، له رَوّاء وهيبة، فأعجبه وأكرمه وعظَّمه وسأله عن حاجته، فقال: أصبتَ مالاً لي فارددْهُ عليَّ، فقال: كنت أعجبتني رؤيتك، ولقد زهدت، فقال: ولمَ ذاك؟ قال: جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك أهدمه، لم تكلمني فيه وتكلمني في مائتيْ بعير، فقال: أنا رب الإبل، وللبيت رب سيمنعه، فَأَمَرَ بِرَد الإبل إليه.

  وقيل: كان ذهب عبد المطلب بعمرو بن ثعلبة يعرض على أبرهة ثلث أموال أهل تهامة ليرجع ولا يهدم البيت، فأبى، عن ابن إسحاق.