قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل 1 ألم يجعل كيدهم في تضليل 2 وأرسل عليهم طيرا أبابيل 3 ترميهم بحجارة من سجيل 4 فجعلهم كعصف مأكول 5}
  نقض للعادة، فلا بد من كونها معجزة لنبي، ثم اختلفوا، فقيل: كان إرهاصًا لنبينا ÷ وكذلك حديث الغمامة، وهو قول مشايخنا البغداديين والجاحظ وغيرهم، وقيل:
  كانت معجزة لبعض الأنبياء في ذلك الزمان خالد بن سنان أو غيره، وهو قول شيوخنا.
  ومتى قيل: لو كان ثَمَّ نبيٌّ لظهر أمره، وتواتر خبره؟
  قلنا: يجوز أن يكون مبعوثًا إلى طائفة، ولم يكن ثَمَّ متعبدون بشرعه، فجائز أن يخفى عنا خبره، نحو كثير من الأنبياء.
  فأما النعمة: فكما سلم البيت، وهو قبلة له ولأمته، ومطاف وإحياء سنة إبراهيم وإسماعيل.
  وأما القدرة: فلما خلق الطير، وألهم رمي الحجر، وأرسل معهم الأحجار، وفي كل حجر من الاعتمادات ما يزيد على الحديد حتى يتجاوز الأجساد.
  وأما العبرة: فما فعل بهم من الانتقام، وأن كل من قصد دين الله فالله ينتقم منه، وتدل على فضل الكعبة.
  ومتى قيل: أليس الملحدة ينكرون ذلك؟
  قلنا: قد تواتر الخبر بذلك، وذكروا ذلك في أشعارهم، ولأنه ثبت أن القرآن حجة، وقد نطق به، ولأن النبي ÷ قرأ عليهم السورة، فصدقوه، ولم يكذبوه مع حرصهم على تكذيبه، وقد أكثر الشعراء ذكر ذلك، فمنها قول ابن الرقيات من قصيدة أولها:
  أَرَّقَتني بِالزابِيَينِ هُمُومُ