التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لإيلاف قريش 1 إيلافهم رحلة الشتاء والصيف 2 فليعبدوا رب هذا البيت 3 الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف 4}

صفحة 7552 - الجزء 10

  وثالثها: العامل فيه ما بعده، تقديره: فليعبدوا رب هذا البيت لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف، كأنه قيل: لذلك الإنعام فليعبدوا، ومثله: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي}⁣[الزمر: ٦٤] كأنه قيل: أفأعبد غير الله فيما تأمروني، اعتراض على على التفسير، وهذا قول الزجاج.

  ومتى قيل: لم عمل ما بعد الفاء فيما قبله؟

  قلنا: لأنها زائدة غير عاطفة، كقولك: زيدًا فاضرب، وتريد: اضرب، ولو كان عطفًا لما جاز [فيه] تقديم [المعمول]، كما لا يجوز في الواو و (ثُمَّ).

  واختلفْوا في نصب «رِحْلَةَ» فقيل: نصب على المصدر، أي: ارتحالهم رحلة، وقيل: نصب لوقوع إيلافهم عليهم، تقديره: ليألفوا رحلة، عن الأخفش، وقيل: نصب على الظرف بمعنى: على رحلة، وقيل: محله رفع على تقدير: هما رحلة الشتاء والصيف.

  · النزول: قيل: ضاق العيش على أهل مكة بدعاء النبي ÷ حين قال: «اللهم اشدد وطأتك على مضر» فجدبوا سبع سنين حتى أكلوا الكلاب والجيف والعظام المحرقة، فمشى إليه رؤساء مكة: أبو سفيان بن حرب، والوليد بن المغيرة وغيرهما، وقالوا: ادع لنا، فإنا مؤمنون، فدعا لهم فاختصبت بلادهم بخصب اليمن، وقراها، وحمل إليهم الطعام، وكفاهم الله الرحلتين، فنزلت السورة.

  · المعنى: «لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ» أي: لتأتلف مكة وقريش ولد النضر بن كنانة، وقيل: من لم يلده النضر فليس بقريش، واختلفوا لم سموا قريشًا، فقيل: القريش الجمع، يقال: تقرشوا؛ أي: تجمعوا، فلجمعهم سُمُّوا بذلك، وقيل: لتكسبهم الأموال وجمعها،