التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين 1 فذلك الذي يدع اليتيم 2 ولا يحض على طعام المسكين 3 فويل للمصلين 4 الذين هم عن صلاتهم ساهون 5 الذين هم يراءون 6 ويمنعون الماعون 7}

صفحة 7557 - الجزء 10

  والماعون: قال أبو عبيد: كلما كان فيه منفعة، وأصله من القلة من قولهم:

  المَعْنُ القليل، وقال قطرب: وهو فاعول من «المَعْنِ»، تقول العرب: ما له سَعْنَةٌ ولا مَعْنَةٌ؛ أي كثير ولا قليل، قال الشاعر:

  فَإِنَّ هَلاَكَ مَالِكٍ غَيْرُ مَعْنِ

  أي: غير قليل، فالماعون القليل القيمة مما فيه منفعة من آلة البيت كالفأس، والمقدحة، والإبرة، قال الأعشى:

  بِأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَاعُونِهِ ... إِذا مَا سَمَاؤُهُمُ لَمْ تَغِمْ

  وقال الراعي:

  قَوْمٌ عَلَى الإِسْلاَمِ لاَ يَمْنَعُوا ... مَاعُونَهُم وَيُضَيِّعُوا التَّهْليلاَ

  ومنه: مَعَنَ الوادي: إذا خرجت مياهه قليلاً، والماء المعين: الذي يجري قليلاً قليلاً، والماعون: الماء، قال الشاعر:

  يَمُجُّ صَبِيرُهُ الْمَاعُونَ صَبَّا

  سميت بذلك لأنه يجيء من السحاب قليلاً قليلاً، والصَّبِيِرُ: السحاب، وقال أبو مسلم: الماعون «فاعول» من المعن وهو العطية، وهذا يرجع إلى ما ذكرنا؛ لأن العطية قليل من كثير، وسميت الزكاة والمعروف ماعونًا لذلك، لأنه قليل من كثير، وسمي أثاثُ البيتِ ماعونًا لقلة قيمته، وقيل: الماعون: الذي لا يحل منعه كالماء والنار والملح لقلة قيمتها، وعُمُنٌ ليس بظاعن لأنه يقل له، وحكى الفراء عن بعضهم أنه