التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين 1 فذلك الذي يدع اليتيم 2 ولا يحض على طعام المسكين 3 فويل للمصلين 4 الذين هم عن صلاتهم ساهون 5 الذين هم يراءون 6 ويمنعون الماعون 7}

صفحة 7558 - الجزء 10

  مأخوذ من الماء يُعِين، يقال: معن الماء، وأمعن: إذا سال، فعلى هذا يكون من العين فهو الماء الظاهر للعيون، فأخذ الماعون منه؛ لأن المَعْنَةَ، وهي الماء القليل الجاري، (فلعله) شَبَّهَ الماعون به.

  · الإعراب: {أَرَأَيْتَ} الألف الأولى استفهام، والثانية من أصل الكلمة، ويجوز (أَرَيْتَ) بحذف الألف الثانية، ولا يجوز (رأيت)؛ لأن ألف الاستفهام تصير عِوضًا، وإنما ذكر بلفظ الاستفهام لأن العرب إذا أرادوا المبالغة في الإفهام يقولون للمخاطب: أرأيت، وألم تر، تنبيهًا وتوكيدًا، فجرى الخطاب على عادتهم.

  · النزول: قيل: نزلت السورة في العاص بن وائل السهمي، عن مقاتل، والكلبي.

  وقيل: في الوليد بن المغيرة، عن السدي، ومقاتل بن حيان، وابن كيسان.

  وقيل: في عمرو بن عائذ المخزومي، عن الضحاك.

  وقيل: في هبيرة، عن أبي وهب المخزومي.

  وقيل: نزلت في أبي سفيان بن حرب، وكان ينحر، فأتاه يتيم فسأله شيئًا، فقرعه بعصاه، فأنزل الله تعالى فيه هذه السورة، عن ابن جريج.

  وقيل: هو عام في كل مَنْ كان بهذه الصفة.

  · المعنى: «أَرَأَيْتَ» يا محمد هذا «الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ» قيل: بالجزاء والبعث والحساب، وفي بعض الأخبار: «الديان لا يفنى، والذنب لا يُنْسى، فاصنع ما شئت كما تدين تدان»، وقيل: يكذب بالدين الذي جاء به محمد ÷، وهو الإسلام «فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ» أي: مع تكذيبه يَدُعُّ؛ أي: يدفع اليتيم، وهو الذي لا أب له، ولا أم له، وقيل: يدع اليتيم، أي: يقهره، ويدفعه عن حقه، ويظلمه، وإنما خص اليتيم؛ لأنه