التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين 1 فذلك الذي يدع اليتيم 2 ولا يحض على طعام المسكين 3 فويل للمصلين 4 الذين هم عن صلاتهم ساهون 5 الذين هم يراءون 6 ويمنعون الماعون 7}

صفحة 7559 - الجزء 10

  ليس له مدافع «وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ» قيل: لا يحض على مواساة الفقراء بخلاً به وجهلاً بموقع الجزاء، وقيل: إطعام الطعام من سُنَّة الأنبياء والمؤمنين، وَمَنْعُهُ من شِيَمِ المنافقين لقولهم: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}⁣[المنافقون: ٧] فَبَيَّنَ أنهم تخلقوا بأخلاق المنافقين، دون أخلاق المؤمنين، وقيل: أراد إلقاء حقوقهم؛ لذلك أضافه إليهم «فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ» اختلف المفسرون فيه على قولين: منهم من يقول: إن المراد به المنافقون، ومنهم من يقول: المراد به المراؤون، ولما كان الذم يتوجه في السهو، إما بتركه على ما قاله بعضهم، وإما تأخيره أو لا يأتي بشرائطه، ثم كل ذلك قد يفعل مستحِلًّا، فيكفر، وقد يفعل على غير ذلك الوجه، فيفسق؛ فلذلك اختلف المفسرون فيه.

  فأما من قال: إنه في المنافقين اختلفوا: فقيل: معناه: مِنْ صفتهم أنهم لا يُصَلُّون إلا رياء ونفاقًا من غير نية وإخلاص وإقامة قربة، عن أبي علي، وأبي مسلم.

  وقيل: غافلون عنها، لا يبالي صَلَّى أم لم يُصَلِّ، عن قتادة.

  وقيل: يتركون الصلاة في السر إذا غاب الناس، ويصلون في العلانية إذا حضروا، عن ابن عباس، والضحاك.

  فأما من قال: إنه في غير المنافقين اختلفوا: فقيل: يغفل عن صلاته، ويقصر فيها، وقلبه مشغول بغيرها، لا يرى لها منزلة تقتضي صرف الهمة إليها، وهو المرائي الذي يُذَمُّ لسهوه، دون المنافق الذي يذم لنفاقه، لا لسهوه.

  وقيل: ساهون: يؤخرونها عن وقتها، عن ابن عباس، ومسروق. وروي عن سعيد أنه قال: سألت رسول الله ÷ عن هذه الآية فقال: «الَّذِينَ يؤخرون الصلاة عن وقتها».