قوله تعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين 1 فذلك الذي يدع اليتيم 2 ولا يحض على طعام المسكين 3 فويل للمصلين 4 الذين هم عن صلاتهم ساهون 5 الذين هم يراءون 6 ويمنعون الماعون 7}
  وقيل: لاهون عنها مع أدائها، عن مجاهد.
  وقيل: هو الذي إِنْ صلاها صَلَّاها رياء، وإن فاتته لم يندم.
  وقيل: لا يصلونها بمواقيتها، ولا يُتِمُّون ركوعها وسجودها، عن أبي العالية، وروي عنه: الذي يلْتَفِتُ.
  والأظهر - بل الواجب - أنه أراد بالسهو ما هو فعل العبد، دون ما هو فعل الله؛ ليصح توجيه الذم عليه.
  و «يراءون» يعني يراؤون الناس، يفعلونه ليروه، والأولى أن تحمل الآية على أهل النفاق؛ لأن أول السورة في المكذبين.
  ومتى قيل: ما يفعله المنافق ليس بصلاة، فكيف أطلق عليه اسم الصلاة؟
  قلنا: لأن صورته صورة الصلاة، فسماه صلاة توسعًا، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ}[الأنعام: ١٥٩] وإن كان ذلك ليس بدين.
  ومتى قيل: لِمَ قال: {عَنْ صَلَاتِهِمْ}، ولم يقل (في صلاتهم)؟
  قلنا: لأن الساهي فيها يقيم لها، والساهي عنها تاركٌ لها؛ ولهذا قلنا: إنه أليق بالمنافقين، وعن عطاء بن دينار قال: الحمد لله الذي قال: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ} ولم يقل: (في صلاتهم).
  «وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ» قيل: هي الزكاة الواجبة، عن علي، وابن عمر، وابن الحنفية، والحسن، وقتادة، والضحاك، وأبي مسلم. وقيل: الماعون: ما يتداوله الناس بينهم من الفأس، والقدر، والدلو، عن ابن مسعود، وابن عباسٍ، وابن عمر، وسعيد بن جبير. وقيل: هو ما يسأله الجيران بعضهم من بعض من الأمتعة التي يستعيرها الناس، عن ابن مسعود، وأبي علي. قال أبو علي: وصفهم بغاية البخل والرداءة، وقيل: الماعون بلسان قريش: المال، عن سعيد بن المسيب، والزهري، ومقاتل، وروي عن النبي ÷ أنه قال: «الماعون الزكاة - أربع مرات - ألا أَدُّوا الزكاة تَنْجُوا» وهو الصحيح؛ لأنها الذي يستحق الوعيد بتركها، وقيل: كانت العارية