قوله تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر 1 فصل لربك وانحر 2 إن شانئك هو الأبتر 3}
  · المعنى: «إِنَّا أَعْطَينَاكَ» يا محمد «الْكَوْثَرَ» قيل: نهر في الجنة، حافتاه الدر والياقوت، عن عائشة، وابن عمر، وروي ذلك مرفوعًا، وهو قول أبي علي، وروي أنه قال: «أعطيت الكوثر، فضربت يدي إلى تربته فإذا مسك أذفر، وإذا حصاه اللؤلؤ، وإذا حافتاه فُتَاتُ اللؤلؤ، وإذا نهر يجري على الأرض جريًا ليس بمشقوق»، وسئل رسول الله ÷ عن الكوثر فقال: «نهر أعطاني الله تعالى، أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، فيه طير أعناقها كأعناق الجزر»، فقال عمر: إن تلك الطير ناعمة؟ فقال: «أكلها أنعم منها يا - عمر»، قالت عائشة: نهر في الجنة، من أحب أن يسمع خريرها فليجعل أصبعه في أذنه، وقيل: هو حوض النبي ÷، والذي يكثر الناس عليه يوم القيامة، عن عطاء. وقيل: هو الخير الكثير، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبي مسلم. وهذا هو الأولى؛ لأن جميع ما قيل فيه من تفاصيله، وقيل: هو القرآن العظيم، عن الحسن. وقيل: النبوة والكتاب، عن عكرمة، وقيل: هو العظيم من الأمر، عن ابن إسحاق. وقيل: كثرة الأتباع والأصحاب، عن أبي بكر بن عياش. وقيل: النسل الكثير كما ظهر في ذريته، وقيل: الصبر الرفيع والنصر في الدنيا والجزاء في الآخرة، وقيل: الفقه في الدين، وقيل: الشفاعة، وقيل: المعجزات، وقيل: الشرائع.
  ثم نبه على عظيم حال الصلاة من جملة الشرائع، فقال: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ» كأنه قيل: كما أعطيناك الخير الكثير في الدنيا والآخرة فَصَلِّ شكرًا لنا في مقابلة تلك النعم، وقيل: إن ناسًا كانوا يصلون لغير الله، وينحرون لغير الله، وبسمون عليها غير اسم الله، فقال: {إناأعطيناك الكوثر} فلتكن صلواتك ونحرك لله، عن محمد بن كعب، قيل: صَلِّ صلاة العيد وانحرْ نسكك، عن عكرمة، وعطاء، وقتادة، وأبي علي. وقيل: صَلِّ المكتوبة «وَانْحَرْ» نسكك في الحج والعمرة، عن أبي مسلم.