التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر 1 فصل لربك وانحر 2 إن شانئك هو الأبتر 3}

صفحة 7567 - الجزء 10

  وقيل: صَلِّ الغداة المكتوبة بجَمْعٍ، وانحر البُدْن بمِنَى، عن سعيد بن جبير، ومجاهد.

  وقيل: صل وانحر: ضع اليمين على الشمال في الصلاة وحِذَاءَ النحرِ، عن علي، وابن عباس. وقيل: انحر البدن، عن أنس، ومجاهد، وعطاء، والحسن، وقتادة، وابن زيد، وأبي علي، وأبي مسلم. وروي نحوه عن ابن عباس. وقيل: «وَانْحَرْ» أي: استقبل القبلة بنحرك، عن الفراء، ومنه: داران يتناحران؛ أي: يتقابلان، وأنشد:

  أَبَا حَكَمٍ هَلْ أَنْتَ عَمُّ مُجَالِدٍ ... وسَيِّدُ أَهْلِ الْأبْطَحِ المُتَنَاِحرِ

  أي: المتقابل.

  وقيل: هو أن يقعد بين السجدتين حتى يبدو نحره، عن عطاء. وقيل: وارفع يديك بالدعاء إلى نحرك، عن سليمان التيمي، وقيل: «وَانْحَرْ» أي: ارفع يديك إلى النحر عند افتتاح الصلاة، والأَوْلى أن يحمل على الصلاة، ونحر الإبل؛ لأنه المشهور الظاهر، ولأنه عطفه على الصلاة، والظاهر أنه غيره، وخصهما تفخيمًا لشأنهما، ولأنهما كانا ينحران لغير الله، فأمر بالصلاة، والنحر لله شكرًا على إظهار شرائع الإسلام.

  «إِنَّ شَانِئَكَ» أي: عدوك، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير وقال: هو العاص بن وائل، وهو جواب له، وقيل: جواب لقريش، وهم يومئذ أعداؤه، وقيل: لكعب أو عقبة على ما بَيَّنَّاهُ، وقيل: هو عام في كل عدو له «هُوَ الْأبتَرُ» قيل: المنقطع عن كل خير، وقيل: الذي لا عقب له، عن مجاهد. وقيل: الأقل الأذل بانقطاعه عن الخير، عن قتادة. وقيل: أراد به هلاكهم، عن أبي مسلم. وقيل: أراد أنه حط ما قالت قريش: إن دين محمد لا يقوم به بعده أحد، فكان ذلك دينهم وانقطع ما كانوا عليه، فلم يتمسك بها أحد من عبادة الأوثان، وظهر دينه، عن أبي علي. وقيل: الحمار الأبتر: المقطوع الذنب، شبه أعداءه به.

  · الأحكام: يدل قوله: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} أنه أعطاه الخير الكثير وخصه به، وذلك