التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح 1 ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا 2 فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا 3}

صفحة 7581 - الجزء 10

  تقصير وزلة، وإن كانت صغيرة؛ لأنه لا يمتنع أن يتعبد الأنبياء بذلك لما تميزوا مِنْ غَيْرِهِمْ بنعمه تعالى. وقيل: استغفر لما يخطر ببالك. وقيل: استغفر لأمتك {إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} قابلاً للتوبة حالاً بعد حال من جميع الذنوب: صغيرها وكبيرها. وقيل: أمره بما ذكر شكرًا على إنجاز ما وعده من النصر.

  وروي أنها لما نزلت السورة سُرَّ المسلمون، وبكى العباس وقال: أظن أنه نعي إليك نفسك يا رسول الله، فقال: «هو هكذا».

  واختلفوا من [أيِّ] وجهٍ علموا ذلك، وليس في ظاهره نَعْيٌ، فقيل: لما تقدم الوحي بأنه عند ظهور أمره، وانتشار دينه، ودخول الناس فيه يقرب أجله.

  وقيل: لأنه انتهاء الرسالة، وتمام الأمر.

  وقيل: لأنه أمره بتجديد التوحيد، واستدراك الفائت بالاستغفار، وذلك مما يلزم عند الانتقال.

  ومتى قيل: لم كان دخول الناس في الدِّين مِنَّة منه تعالى عليه؟

  قلنا: لوجوه:

  أحدها: أنه لفرط رحمته ÷ أراد دخول جميعهم في الدين، فدخلوا بلطفه، وصاروا تبعًا له.

  وثانيها: لسرور النبي ÷ بذلك، وبلوغه مقصده، وتمام مراده.

  وثالثها: أن بكثرة ما يهتدى به يكثر ثوابه، ولعظم.

  ورابعها: كثرة أمته حتى يباهي بهم يوم القيامة.

  وقيل: كان رسول الله ÷ بعد نزول هذه السورة يكثر قول: «سبحان الله وبحمده وأستغفرك وأتوب إليك».