قوله تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب 1 ما أغنى عنه ماله وما كسب 2 سيصلى نارا ذات لهب 3 وامرأته حمالة الحطب 4 في جيدها حبل من مسد 5}
  والمراد نفسه، على عادة العرب في محاوراتهم، يقولون: كسبت يداك، وخابت يداه، وقيل: اليد صلة، كقولهم: يَد الدهر، ويد الرزايا، قال الشاعر:
  وَأَيْدِي الرَّزَايَا بِالذَّخَائِرِ مُولَعُ
  وقيل: أراد به ماله وملكه، يقال: فلان قليل ذات اليد؛ يعني المال، والمراد هلك ماله، عن أبي مسلم. وقيل: المراد: اليد بعينها؛ وذلك لأنه أراد أن يرمي رسول الله ÷ بحجر، فمنعه الله منه، فقال: خسرت يداه في رميه، عن أبي علي. «أَبِي لَهَبٍ» قيل: هو كنيته، واسمه: عبد العزى فلذلك كَنَّاهُ، وقيل: بل اسمه كنيته، وقيل: سمي بذلك لحسنه، وإشراق وجهه، وكانت وجنتاه تلتهبان، عن مقاتل. وقيل: كني بذلك لأنه يصير إلى النار، ويعذب بِاللَّهِبِ، وقيل: كان مشهورًا بالكنية، فأراد أن يشتهر بالفضيحة.
  «وَتَبَّ» قيل: الواو للعطف، وقيل: للحال، (وَتَبَّ) خبر محض، كأنه قيل: وقد تب؛ أي: خسر وهلك، وقيل: الأول دعاء، والثاني خبر أنه فعل بذلك، وقيل: تبت يداه للمنع الذي وقع به من رمي الحجر، وتب للعقاب الذي نزل به فيما بعده، فأضاف الخسران الأول إلى يديه؛ لأن ذلك يمنع من الرمي، والثاني إلى نفسه، وقيل: لأن العذاب ينزل بجملته في الآخرة، عن أبي علي. وقيل: الأول: هلاك ماله، والثاني: هلاك نفسه، والمعنى: هلك ماله ونفسه، فلم يغن هو عن نفسه شيئًا، ولا أغنى عنه ماله، عن أبي مسلم. «مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ» أي: ما كفى عنه ماله من عذاب الله شيئًا، وعن ابن مسعود: أن أبا لهب قال لما دعاه رسول الله ÷: إن كان ما تقول ياابن أخي حقًّا فأنا أفدي نفسي بمالي، فبيَّن أنه لا يغني عنه ماله شيئًا، وقيل: معناه: أي شيء يغني عنه ماله إذا نزل به عذاب الله تعالى، وقيل: أراد بالمال الأغنام، وكان صاحب مواشٍ وسائمة، عن أبي العالية. «وَمَا كَسَبَ» قيل: ولده، وقيل: كسبه أمواله، وقيل: أفعاله.