قوله تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب 1 ما أغنى عنه ماله وما كسب 2 سيصلى نارا ذات لهب 3 وامرأته حمالة الحطب 4 في جيدها حبل من مسد 5}
  ومتى قيل: لِمَ قال بلفظ الماضي؟
  قلنا: قيل: عطفًا على ما تقدم، وقيل: لأنه كائن لا محالة، كقوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}[النحل: ١].
  ومتى قيل: من أي شيء لا يغني ماله؟
  قلنا: فيه وجهان:
  قيل: من عذاب الله في الآخرة.
  وقيل: مما حَلَّ به في الدنيا.
  «سَيَصْلَى نَارًا» يعني سيفعل به ذلك؛ لأن السين سين (سوف)، وقيل: سين الوعيد، كقولهم: سأفعل بك، ومعناه: عن قريب يصير أبو لهب صلاء النار، أي: وقودًا وحطبًا، وقيل: سيدخل نارًا ويعذب فيها «ذَاتَ لَهَبٍ» يعني ليست بجمرة، بل تتوقد؛ ولذلك قال: {خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}[الإسراء: ٩٧] قال أبو علي: لهبها اشتعالها. «وَامْرَأَتُهُ» أي: وستصلى امرأته بتلك النار، وهي أم جميل بنت حرب، أخت أبي سفيان، عمة معاوية، وكانت عوراء «حَمَّالَةَ الْحَطَبِ» قيل: كانت تمشي بالنميمة، فَوُصِفَتْ بحمالة الحطب، عن ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة، والسدي. كأنها نقالة الحديث والكذب، يقال: فلان يحطب على فلان: إذا أغرى به، قال الشاعر:
  وَلَمْ يَمْشِ بَيْنَ الْحَيِّ بِالحَطَبِ الرَّطْبِ
  أي: لم يمش بالنميمة، وإنما شبه النميمة بالحطب؛ لأن الحطب توقد به النار، والنميمة توقد نار العداوة، وقيل: كانت تأتي بالشوك، فتطرحه في طريق رسول الله ÷ إذا خرج إلى الصلاة، عن ابن عباس، والضحاك، وابن زيد. وقيل: وصفها بحمالة الحطب تخسيسًا لها وتحقيرًا لحالها، عن أبي علي، قال: ويجوز أن يكون أراد وصفها بهذه الصفة تعريفًا لها وذمًّا، وعن مرة الهمداني قال: كانت تأتي